﴿من كان﴾ أي: في وقت من الأوقات ﴿يريد العزة﴾ أي: الشرف والمنعة ﴿فلله العزة جميعاً﴾ أي: في الدنيا والآخرة، والمعنى: فليطلبها عند الله، فوضع قوله تعالى ﴿فلله العزة جميعاً﴾ موضعه استغناء به عنه لدلالته عليه، لأن الشيء لا يطلب إلا من عند صاحبه ومالكه، ونظيره قوله: من أراد النصيحة فهي عند الأبرار، يريد فليطلبها عندهم إلا أنك أقمت ما يدل عليه مقامه، وقال قتادة: من كان يريد العزة فليتعزز بطاعة الله تعالى ومعناه: الدعاء إلى الطاعة من له العزة أي: فليطلب العزة من عند الله بطاعته، كما يقال من كان يريد المال فالمال لفلان أي: فليطلبه من عنده.
ثم عرف أن ما تطلب به العزة هو الإيمان والعمل الصالح بقوله تعالى: ﴿إليه﴾ أي: لا إلى غيره ﴿يصعد الكلم الطيب﴾ قال المفسرون: هو قول لا إله إلا الله، وقيل: هو قول الرجل سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وعن ابن مسعود قال: إذا حدثتكم حديثاً أنبأتكم بمصداقه من كتاب الله عز وجل: «ما من عبد مسلم يقول: خمس كلمات سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وتبارك الله إلا أخذهن ملك فجعلهن تحت جناحه، ثم صعد بهن فلا يمر على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يحيي بها وجه رب العالمين» ومصداقه من كتاب الله عز وجل قوله تعالى ﴿إليه يصعد الكلم الطيب﴾ وقيل: الكلم الطيب ذكر الله، وعن قتادة إليه يصعد الكلم الطيب أي: يقبل الله الكلم الطيب، وقيل: الكلم الطيب يتناول الذكر والدعاء وقراءة القرآن، وعن الحاكم موقوفاً وعن الثعلبي مرفوعاً أنه ﷺ قال: «هو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر إذا قالها العبد عرج بها الملك إلى السماء فحيا بها وجه الرحمن فإذا لم يكن عمل صالح لم تقبل».
(٩/٨٦)


الصفحة التالية
Icon