تنبيه: رسم العلماء بالواو وقوله تعالى ﴿إن الله﴾ أي: المحيط بالجلال والإكرام ﴿عزيز﴾ أي: غالب على جميع أمره ﴿غفور﴾ أي: لذنوب من أراد من عباده تعليل لوجوب الخشية لدلالته على أنه معاقب للمصرّ على طغيانه غفور للتائب عن عصيانه، والمعاقب والمثيب حقه أن يخشى.
ولما بين سبحانه العلماء بالله وخشيتهم وكرامتهم بسب خشيتهم ذكر العالمين بكتاب الله العاملين بما فيه بقوله تعالى:
﴿إن الذين يتلون كتاب الله﴾ أي: يداومون على تلاوته وهي شأنهم وديدنهم، وعن مطرف: هي آية القراء، وعن الكلبي: يأخذون بما فيه، وقيل: يعلمون ما فيه ويعملون به، وعن السدي: هم أصحاب رسول الله ﷺ وعن عطاء: هم المؤمنون ﴿وأقاموا الصلاة﴾ أي: أداموها ﴿وأنفقوا مما رزقناهم﴾ من زكاة وغيرها ﴿سراً وعلانية﴾ قيل: السر في المسنون والعلانية في المفروض.
تنبيه: أشار تعالى بقوله سبحانه وتعالى ﴿يتلون كتاب الله﴾ إلى الذكر وبقوله تعالى: ﴿وأقاموا الصلاة﴾ إلى العمل البدني وبقوله تعالى: ﴿وأنفقوا مما رزقناهم﴾ إلى العمل المالي، وفي هاتين الآيتين الشريفتين حكمة بالغة وهي أن قوله تعالى ﴿إنما يخشى الله﴾ إشارة إلى عمل القلب وقوله تعالى ﴿الذين يتلون﴾ إشارة إلى عمل اللسان وقوله ﴿وأقاموا الصلاة﴾ إشارة إلى عمل الجوارح ثم إن هذه الأشياء الثلاثة متعلقة بجانب تعظيم الله تعالى وقوله تعالى ﴿وأنفقوا مما رزقناهم﴾ بمعنى الشفقة على خلقه وقوله تعالى ﴿سراً وعلانية﴾ حث على الإنفاق كيفما تهيأ، فإن تهيأ سراً فذاك وإلا فعلانية ولا يمنعه ظنه أن يكون رياء فإن ترك الخير مخافة ذلك هو عين الرياء.
ولما أحل تعالى هؤلاء بالمحل الأعلى بين حالهم بقوله تعالى: ﴿يرجون﴾ أي: في الدنيا والآخرة ﴿تجارة﴾ أي: بما عملوا ﴿لن تبور﴾ أي: تكسد وتهلك بل هي باقية؛ لأنها رفعت إلى من لا تضيع إليه الودائع وهي رائجة رابحة لكونه تعالى تام القدرة شامل العلم له الغنى المطلق.
(٩/١٠٨)