﴿إن الله﴾ أي: الذي أحاط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿عالم غيب السموات والأرض﴾ لا تخفى عليه خافية فلا يخفى عليه تعالى أحوالهم وقوله تعالى ﴿إنه عليم بذات الصدور﴾ تعليل له؛ لأنه إذا علم مضمرات الصدور قبل أن يعلمها أربابها حتى تكون غيباً محضاً كان أعلم بغيره، ويعلم أنكم لو مدّت أعماركم لم ترجعوا عن الكفر أبداً ولو رددتم لعدتم لما نهيتم عنه وإنه لا مطمع في صلاحكم.
ولما كان من أنشأ شيئاً كان أعلم به قال تعالى:
(٩/١٢٠)
﴿هو﴾ أي: وحده لا شركاؤكم ولا غيرهم ﴿الذي جعلكم﴾ أيها الناس ﴿خلائف في الأرض﴾ أي: يخلف بعضكم بعضاً، وقيل: جعلكم أمة واحدة خلفت من قبلها ورأت فيمن قبلها ما ينبغي أن يعتبر به، وقال القشيري: أهل كل عصر خليفة عمن تقدّمهم فمن قوم هم لسلفهم جمال ومن قوم هم أرذال وأسافل.
تنبيه: خلائف جمع خليفة وهو الذي يقوم بعد الإنسان بما كان قائماً به والخلفاء: جمع خليفة قاله الأصبهاني ﴿فمن كفر فعليه كفره﴾ أي: وبال كفره ﴿ولا﴾ أي: والحال أنه لا ﴿يزيد الكافرين﴾ أي: المغطين للحق ﴿كفرهم﴾ أي: الذي هم ملتبسون به ظانون أنه يسعدهم وهم راسخون فيه غير منتقلين عنه ﴿عند ربهم﴾ أي: المحسن إليهم ﴿إلا مقتاً﴾ أي: غضباً؛ لأن الكافر السابق كان ممقوتاً ﴿ولا يزيد الكافرين﴾ أي: العريقين في صفة التغطية للحق ﴿كفرهم إلا خساراً﴾ أي: للآخرة؛ لأن العمر كرأس مال من اشترى به رضا الله تعالى ربح، ومن اشترى به سخط الله تعالى خسر.)
ولما بين أنه سبحانه هو الذي استخلفهم أكد بيان ذلك عندهم بأمره ﷺ بما يضطرهم إلى الاعتراف بقوله تعالى:
(٩/١٢٢)