﴿والشمس﴾ أي: التي سلخ النهار من الليل بغيبوبتها ﴿تجري لمستقر لها﴾ أي: لحد معين ينتهي إليه دورها لا تتجاوزه فشبه بمستقر المسافر إذا قطع سيره، وقيل: مستقرها بانتهاء سيرها عند انقضاء الدنيا وقيام الساعة، وقيل: إنها تسير حتى تنتهي إلى أبعد مغاربها ثم ترجع فذلك مستقرها لا تتجاوزه، وقيل: مستقرها نهاية ارتفاعها في السماء في الصيف ونهاية هبوطها في الشتاء، وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال: «مستقرها تحت العرش» وروي أنه ﷺ قال لأبي ذر حين غربت الشمس: «تدري أين تذهب؟ قلت: الله ورسوله أعلم قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها: ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى ﴿والشمس تجري لمستقر لها﴾».
ولما كان هذا الجري على نظام لا يختل على ممر السنين وتعاقب الأحقاب عظمه بقوله تعالى: ﴿ذلك﴾ أي: الأمر الباهر للعقول وزاد في عظمه بصيغة التفعيل بقوله تعالى: ﴿تقدير العزيز﴾ أي: الذي لا يقدر أحد في شيء من أمره على نوع مغالبة وهو غالب على كل شيء ﴿العليم﴾ أي: المحيط علماً بكل شيء الذي يدبر الأمر فيطرد على نظام عجيب ونهج بديع لا يعتريه وهن ولا يلحقه يوماً نوع خلل، ويحتمل أن تكون الإشارة إلى المستقر أي: ذلك المستقر تقدير العزيز العليم.
ولما ذكر آية النهار أتبعها آية الليل بقوله تعالى:
(٩/١٦١)


الصفحة التالية
Icon