لذلك إذا تقاتل قوم ومات الكل في القتال فقال هؤلاء القوم: هم قتلوا أنفسهم فهم في الموضعين يكون عائداً إلى القوم ولا يكون المراد أشخاصاً معينين بل المراد أن بعضهم قتل بعضهم فكذلك قوله تعالى ﴿وآية لهم﴾ أي: آية لكل بعض منهم أنا حملنا ذرية كل بعض منهم أو ذرية بعض منهم وإن قلنا المراد: جنس الفلك قال ابن عادل: وهو الأظهر؛ لأن سفينة نوح عليه السلام لم تكن بحضرتهم ولم يعلموا من حمل فيها فأما جنس الفلك فإنه ظاهر لكل أحد.
وقوله تعالى في سفينة نوح عليه السلام ﴿وجعلناها آية للعالمين﴾ (العنكبوت: ١٥)
أي: بوجود جنسها ومثلها ويؤيده قوله تعالى ﴿ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور﴾ (لقمان: ٣١)، فإن قيل: ما الحكمة في قوله تعالى ﴿وآية لهم الأرض الميتة﴾ ﴿وآية لهم الليل﴾ ولم يقل: وآية لهم الفلك؟ أجيب: بأن حملهم في الفلك هو العجب أما نفس الفلك فليس بعجيب؛ لأنه كبيت مبني من خشب وأما نفس الأرض فعجيب ونفس الليل فعجيب لا قدرة لأحد عليهما إلا الله.
فإن قيل: قال تعالى ﴿وحملناكم في البر والبحر﴾ (الإسراء: ٧٠)
(٩/١٦٧)
ولم يقل: ذريتكم مع أن المقصود في الموضعين بيان النعمة لا دفع النقمة. أجيب: بأنه تعالى لما قال ﴿في البر والبحر﴾ عم الخلق جميعاً؛ لأن ما من أحد إلا وحمل في البر والبحر، وأما الحمل في البحر فلم يعم فقال: إن كنا ما حملناكم بأنفسكم فقد حملنا من يهمكم أمره من الأولاد والأقارب والإخوان والأصدقاء، وقرأ نافع وابن عامر بألف بعد الياء التحتية وكسر الفوقانية على الجمع، والباقون بغير ألف وفتح الفوقانية على الإفراد واختلف في تفسير قوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon