والثاني: أن الشروق أقوى حالاً من الغروب وأكثر نفعاً منه فذكر المشرق تنبيهاً على كثرة إحسان الله تعالى على عباده ولهذه الدقيقة استدل إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام بقوله ﴿إن الله يأتي بالشمس من المشرق﴾ (البقرة: ٢٥٨)
﴿إنا زينا﴾ أي: بعظمتنا التي لا تدانى ﴿السماء﴾ ولما كانوا لا يرون إلا ما يليهم من السموات وكانت زينة النجوم ظاهرة فيها قال تعالى ﴿الدنيا﴾ أي: التي هي أدنى السموات إليكم ﴿بزينة الكواكب﴾ أي: بضوئها كما قاله ابن عباس أو بها، وقرأ عاصم وحمزة بزينة بالتنوين، والباقون بغير تنوين والإضافة للبيان كقراءة تنوين بزينة المبينة بالكواكب ونصب الياء الموحدة من الكواكب شعبة، وكسرها الباقون.
فإن قيل: قد ثبت في علم الهيئة أن هذه الكواكب الثوابت مركوزة في الكرة الثامنة وأن السيارات مركوزة في الكرات الستة المحيطة بسماء الدنيا فكيف يصح قوله تعالى ﴿إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب﴾؟ أجيب: بأن الناس الساكنين على سطح كرة الأرض إن نظروا إلى السماء الدنيا فإنهم يشاهدونها مزينة بهذه الكواكب فصح قوله تعالى ﴿إنا زينا السماء بزينة الكواكب﴾ وقوله تعالى:
﴿وحفظاً﴾ منصوب بفعل مقدر أي: حفظناها بالشهب أو معطوف على زينة باعتبار المعنى، كأنه قال: إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء الدنيا وحفظاً ﴿من كل شيطان﴾ أي: بعيد عن الخير محترق ﴿مارد﴾ أي: عات خارج عن الطاعة.
ولما تشوف السامع إلى معرفة هذا الحفظ وثمرته وبيان كيفيته استأنف قوله تعالى:
(٩/٢٠٧)


الصفحة التالية
Icon