فالضمير في قوله ﴿وجعلناها﴾ عائد على المصابيح فوجب أن تكون تلك المصابيح هي المرجوم بها بأعيانها.
ثانيها: كيف يجوز أن تذهب الشياطين حيث يعلمون أن الشهب تحرقهم ولا يصلون إلى مقصودهم البتة؟ وهل يمكن أن يصدر هذا الفعل من عاقل؟ فكيف من الشياطين الذين لهم مزية في معرفة الحيل الدقيقة؟.
ثالثها: دلت التواريخ المتواترة على أن حدوث الشهب كان حاصلاً قبل مجيء النبي ﷺ ولذلك ترى الحكماء الذين كانوا موجودين قبل مجيء النبي ﷺ بزمان طويل ذكروا ذلك وتكلموا في سبب حدوثه، وإذا ثبت أن ذلك كان موجوداً قبل مجيء النبي ﷺ امتنع حمله على مجيء النبي صلى الله عليه وسلم
رابعها: الشيطان مخلوق من النار كما حكى عن قول إبليس لعنه الله تعالى ﴿خلقتني من نار﴾ (الأعراف: ١٢)
وقال تعالى ﴿والجان خلقناه من قبل من نار السموم﴾ (الحجر: ٢٧)
ولهذا السبب يقدر على الصعود إلى السموات وإذا كان كذلك فكيف يعقل إحراق النار بالنار؟.
أجيب عن الأول: بأن هذه الشهب غير تلك الكواكب الثابتة وأما قوله تعالى ﴿ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين﴾ (الملك: ٥)
فنقول: كل نير يحصل في الجو العالي فهو مصباح لأهل الأرض إلا أن تلك المصابيح منها باقية على وجه الدهر آمنة من التغير والفساد ومنها ما لا يكون كذلك وهي هذه الشهب التي يحدثها الله تعالى ويجعلها رجوماً للشياطين إلى حيث يعلمون وبها يزول الإشكال.
(٩/٢٠٩)


الصفحة التالية
Icon