﴿فإنما هي زجرة واحدة﴾ جواب شرط مقدر أي: إذا كان كذلك فإنما البعثة زجرة أي: صيحة واحدة هي النفخة الثانية من زجر الراعي غنمه إذا صاح عليها، وأمرها في الإعادة كأمرها بكن في الابتداء ولذلك رتب عليها ﴿فإذا هم ينظرون﴾ أي: أحياء في الحال من غير مهلة ينظر بعضهم بعضاً، وقيل: ينظرون ما يحدث لهم أو ينظرون إلى البعث الذي كذبوا به، ولا فرق بين من صار كله تراباً ومن لم يتغير أصلاً ومن هو بين ذلك، قال البقاعي: ولعله خص بالذكر؛ لأنه لا يكون إلا مع كمال الحياة ولذلك قال ﷺ «إذا قبض الروح تبعه البصر» وأما السمع فقد يكون لغير الحي؛ لأنه ﷺ قال في الكفار من قتلى بدر: «ما أنتم بأسمع لما أقول منهم» قال: وشاهدت أنا في بلاد العرب المجاورة لنابلس شجرة لها شوك يقال لها: الغبيرا متى قيل عندها: هات لي المنجل لأقطع هذه الشجرة أخذ ورقها في الحال في الذبول فإنه سبحانه أعلم ما سبب ذلك.
تنبيه: لا أثر للصيحة في الموت ولا في الحياة بل خالق الموت والحياة هو الله تعالى كما قال تعالى ﴿الذي خلق الموت والحياة﴾ (الملك: ٢)
روي أن الله تعالى يأمر الملك إسرافيل فينادي: أيها العظام النخرة والجلود البالية والأجزاء المتفرقة اجتمعوا بإذن الله تعالى.
﴿وقالوا﴾ أي: كل من جمعه البعث من الكفرة بعد القيام من القبور معلنين بما انكشف لهم من أنه لا ملازم لهم غير الويل ﴿يا ويلنا﴾ أي: هلاكنا وهو مصدر لا فعل له من لفظه وقال الزجّاج: الويل كلمة يقولها القائل وقت الهلكة وتقول لهم الملائكة: ﴿هذا يوم الدين﴾ أي: الحساب والجزاء.
﴿هذا يوم الفصل﴾ أي: بين الخلائق ﴿الذي كنتم به تكذبون﴾ وقيل: هو أيضاً من كلام بعضهم لبعض وقوله تعالى:
(٩/٢١٤)


الصفحة التالية
Icon