فمن أتاه الشيطان من قبل اليمين أتاه من قبل الدين فلبس عليه الحق واليمين ههنا استعارة عن الخيرات والسعادات، لأن الجانب الأيمن أفضل من الجانب الأيسر، قال ابن عادل: لا تباشر الأعمال الشريفة إلا باليمين ويتفاءلون بالجانب الأيسر و«كان ﷺ يحب التيامن في شأنه كله»، وكاتب الحسنات من الملائكة على اليمين، ووعد الله تعالى المؤمن أن يعطيه الكتاب باليمين، وقيل: إن الرؤساء كانوا يحلفون للمستضعفين أن ما يدعونهم إليه هو الحق فوثقوا بأيمانهم، وقيل: عن اليمين عن القوة والقدرة كقوله تعالى: ﴿لأخذنا منه باليمين﴾ (الحاقة: ٤٥)
﴿قالوا﴾ أي: المتبوعون لهم ﴿بل لم تكونوا مؤمنين﴾ أي: وإنما يصدق الإضلال منا أن لو كنتم مؤمنين فرجعتم عن الإيمان إلينا وإنما الكفر من قبلكم.
﴿وما كان لنا عليكم من سلطان﴾ أي: قوة وقدرة حتى نقهركم ونجبركم على متابعتنا ﴿بل كنتم قوماً طاغين﴾ أي: ضالين مثلنا.
(٩/٢١٨)
﴿فحق﴾ أي: وجب ﴿علينا﴾ جميعاً ﴿قول ربنا﴾ أي: كلمة العذاب وهو قوله تعالى ﴿لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين﴾ (هود: ١١٩)
﴿إنا﴾ أي: جميعاً ﴿لذائقون﴾ أي: العذاب بذلك القول ونشأ عنه قولهم:
﴿فأغويناكم﴾ أي: فأضللناكم عن الهدى ودعوناكم إلى ما كنا عليه ﴿إنا كنا غاوين﴾ أي: ضالين فأحببتم أن تكونوا مثلنا، وفيه إيماء بأن غوايتهم في الحقيقة ليست من قبلهم إذ لو كان كل غواية بإغواء غاوٍ فمن أغوى الأول قال الله تعالى:
﴿فإنهم﴾ أي: المتبوعين والأتباع ﴿يومئذ﴾ أي: يوم القيامة ﴿في العذاب مشتركون﴾ أي: كما كانوا مشتركين في الغواية.
﴿إنا﴾ أي: بما لنا من العظمة والقدرة ﴿كذلك﴾ أي: كما نفعل بهؤلاء ﴿نفعل بالمجرمين﴾ غير هؤلاء أي: نعذبهم التابع منهم والمتبوع ثم وصفهم الله تعالى بقوله:
﴿إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون﴾ أي: يتكبرون عن كلمة التوحيد أو عمن يدعوهم إليها.