﴿فانظر كيف كان عاقبة المنذرين﴾ أي: الكافرين كان عاقبتهم العذاب وهذا خطاب وإن كان ظاهره مع النبي ﷺ إلا أن المقصود منه خطاب الكفار؛ لأنهم سمعوا بالأخبار ما جرى على قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم من أنواع العذاب فإن لم يعلموا ذلك فلا أقل من ظن وخوفه يحتمل أن يكون زاجراً لهم عن كفرهم وقوله تعالى:
﴿إلا عباد الله المخلصين﴾ استثناء من المنذرين استثناء منقطع؛ لأنه وعيد وهم لا يدخلون في هذا الوعيد، وقيل: استثناء من قوله تعالى ﴿ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين﴾ والمراد بالمخلصين: الموحدون نجوا من العذاب وتقدمت القراءة في المخلصين، ثم شرع تعالى في تفصيل القصص بعد إجمالها بقوله تعالى:
﴿ولقد نادانا نوح﴾ أي: نادى ربه أن ينجيه مع من نجي من الغرق بقوله: رب إني مغلوب فانتصر فأجاب الله تعالى دعاءه وقوله تعالى ﴿فلنعم المجيبون﴾ جواب قسم مقدر أي: فوالله ومثله: لعمري لنعم السيدان وجدتما، والمخصوص بالمدح محذوف أي: نحن أجبنا دعاءه وأهلكنا قومه.
(٩/٢٢٩)
﴿ونجيناه وأهله من الكرب العظيم﴾ أي: من الغرق وأذى قومه وهذه الإجابة كانت من النعم العظيمة وذلك من وجوه أولها: أنه تعالى عبر عن ذاته بصيغة الجمع فقال: ﴿ولقد نادانا نوح﴾ فالقادر العظيم لا يليق به إلا الإحسان العظيم.
وثانيها: أنه تعالى أعاد صيغة الجمع فقال تعالى ﴿فلنعم المجيبون﴾ وفي ذلك أيضاً ما يدل على تعظيم تلك النعمة لا سيما وقد وصف الله تعالى تلك الإجابة بأنها نعمت الإجابة.
وثالثها: أن الفاء في قوله تعالى ﴿فلنعم المجيبون﴾ تدل على أن حصول تلك الإجابة مرتب على ذلك النداء وهذا يدل على أن النداء بالإخلاص سبب لحصول الإجابة وقوله تعالى:
(٩/٢٣٠)


الصفحة التالية
Icon