ثانيها أنهم كانوا أصحاب النجوم أي: يعلمونها ويقضون بها على أمورهم، فلذلك نظر إبراهيم في النجوم أي: في علم النجوم كما تقول: نظر فلان في الفقه أي: في علم الفقه فأراد إبراهيم أن يوهمهم أنه نظر في عملهم وعرف منه ما يعرفونه حتى إذا قال لهم ﴿إني سقيم﴾ سكنوا إلى قوله، وأما قوله ﴿إني سقيم﴾ فمعناه سأسقم كقوله تعالى ﴿إنك ميت﴾ (الزمر: ٣٠)
أي: ستموت.
ثالثها: أن نظره في النجوم هو قوله تعالى ﴿فلما جن عليه الليل رأى كوكباً﴾ إلخ الآيات (الأنعام: ٧٦)
فكان نظره ليتعرف هذه الكواكب هل هي قديمة أو حادثة وقوله ﴿إني سقيم﴾ أي: سقيم القلب غير عارف بربي وكان ذلك قبل بلوغه.
رابعها: قال ابن زيد: كان له نجم مخصوص وكلما طلع على صفة مخصوصة مرض إبراهيم فلهذا الاستقراء لما رآه في تلك الحالة المخصوصة قال ﴿إني سقيم﴾ أي: هذا السقم واقع لا محالة.
خامسها: أن قوله ﴿إني سقيم﴾ أي: مريض القلب بسبب إطباق ذلك الجمع العظيم على الكفر والشرك كقوله تعالى لمحمد ﷺ ﴿فلعلك باخع نفسك﴾ (الكهف: ٦)
(٩/٢٣٥)


الصفحة التالية
Icon