﴿فنبذناه﴾ أي: ألقيناه من بطن الحوت فأضاف النبذ إلى نفسه سبحانه مع أن النبذ إنما حصل بفعل الحوت فهو يدل على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى ﴿بالعراء﴾ أي: بوجه الأرض، وقال السدي: بالساحل والعراء الأرض الخالية من الشجر والنبات، روي أن الحوت سار مع السفينة رافعاً رأسه يتنفس فيه يونس ويسبح الله تعالى حتى انتهى إلى الأرض فلفظه.
(٩/٢٥٧)
تنبيه: اختلفوا في مدة لبثه في بطن الحوت فقال الحسن: لم يلبث إلا قليلاً ثم أخرج من بطن الحوت، وقال بعضهم: التقمه بكرة ولفظه عشية، وقال مقاتل بن حبان: ثلاثة أيام، وقال عطاء: سبعة أيام، وقال الضحاك: عشرين يوماً، وقيل: شهراً، وقيل: أربعين يوماً، قال الرازي: ولا أدري بأي دليل عينوا هذه المقادير؟ وروى أبو بردة عن النبي ﷺ أنه قال: سبح يونس في بطن الحوت فسمع الملائكة تسبيحه فقالوا: ربنا إنا نسمع صوتاً ضعيفاً بأرض غريبة فقال تعالى: ذاك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر، قالوا: العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه كل يوم وليلة عمل صالح، قال: نعم فشفعوا له فأمر الحوت فقذفه بالساحل.
وروي أن يونس عليه السلام لما ابتلعه الحوت ابتلع الحوت حوت آخر أكبر منه فلما استقر في جوف الحوت حسب أنه قد مات فحرك جوارحه فتحركت فإذا هو حي فخر لله تعالى ساجداً وقال: يا رب اتخذت لي مسجداً لم يعبدك أحد في مثله ﴿وهو سقيم﴾ أي: عليل كالفرخ الممعوط.
﴿وأنبتنا عليه﴾ أي: له وقيل: عنده ﴿شجرة من يقطين﴾ قال المبرد والزجاج: اليقطين كل ما لم يكن له ساق من عود كالقثاء والقرع والبطيخ والحنظل وهو قول الحسن ومقاتل، قال البغوي: المراد هنا القرع على قول جميع المفسرين، وروى الفراء أنه قيل عند ابن عباس: هو ورق القرع فقال: ومن جعل القرع من بين الشجر يقطيناً كل ورقة انشقت وشربت فهو يقطين.


الصفحة التالية
Icon