﴿إذ﴾ أي: حين ﴿دخلوا على داود﴾ بدل من إذ الأولى أو ظرف لتسوروا، وقرأ نافع وابن كثير وعاصم بإظهار الذال عند التاء في الأول وعند الدال في الثاني ووافقهم ابن ذكوان في الأول والباقون بالإدغام فيهما ﴿ففزع منهم﴾ أي: لأنهم نزلوا عليه من فوق في يوم الاحتجاب والحرس على الباب لا يتركون من يدخل عليه، فإنه عليه السلام كان جزأ زمانه يوماً للعبادة ويوماً للقضاء ويوماً للوعظ ويوماً للاشتغال بحاجته فتسور عليه ملكان على صورة الإنسان في يوم الخلوة ﴿قالوا لا تخف﴾ وقولهم: ﴿خصمان﴾ خبر مبتدأ وضمر أي: نحن خصمان أي: فريقان، ليطابق ما قبله من ضمير الجمع وقيل: اثنان، والضمير بمعناهما وقد مر أن الخصم يطلق على الواحد والأكثر، وقولهم: ﴿بغى بعضنا على بعض﴾ جملة يجوز أن تكون مفسرة لحالهم وأن تكون خبراً ثانياً، فإن قيل: كيف قالوا بغى بعضنا على بعض وهم ملائكة على المشهور؟ أجيب: بأن ذلك على سبيل الفرض أي: أرأيت خصمين بغى أحدهما على الآخر وهذا من معاريض الكلام لا من تحقيق البغي من أحدهما ﴿فاحكم بيننا بالحق﴾ أي: الأمر الثابت الذي يطابق الواقع ﴿ولا تشطط﴾ أي: ولا تجر في الحكومة ﴿واهدنا﴾ أي: أرشدنا ﴿إلى سواء الصراط﴾ أي: وسط الطريق الصواب فقال لهما: تكلما فقال أحدهما:
﴿إن هذا أخي﴾ أي: على ديني وطريقتي أو في النصح لا من جهة النسب ﴿له تسع وتسعون نعجة﴾ أي: امرأة ﴿ولي نعجة واحدة﴾ امرأة واحدة، والنعجة هي الأنثى من الضأن ولكن كثر في كلامهم الكناية عن المرأة، قال ابن عون:
*أنا أبوهن ثلاثة هنه | رابعة في البيت صغرا هنه* |
(٩/٢٨٨)