وبيان ذلك أن قوله: إذا لم يذكر لفظ السيف لم يفهم منه البتة من المسح العقر والذبح يقال: القرينة كافية في ذلك وقوله أنهم جمعوا أنواعاً مذمومة أولها: ترك الصلاة إنما يكون ذلك مذموماً إذا تركها متعمداً ولم يكن ذلك بل نسيها وقد نام ﷺ في الوادي حتى طلعت الشمس وقضى الصبح والنسيان والنوم لا مؤاخذة فيهما، وقوله: ثانيها: أنه استولى عليه الاشتغال بحب الدنيا إنما اشتغل بذلك لأمر الجهاد وهو مطلوب في حقه، وقوله: ثالثها: أنه لم يشتغل بالتوبة يقال: إنه لم يأت بذنب، وقوله: رابعها: أنه خاطب رب العالمين بقوله: ردوها علي ممنوع والمخاطب إنما هو جماعته، وقوله: خامسها إلى أن قال: وقد نهى النبي ﷺ عن عقر الحيوان قد مر عنهم أن ذلك كان مباحاً له فليس فيما قالوه نسبة سليمان عليه الصلاة والسلام إلى معصية فلو قال: الأولى أن يقال: كذا كان أولى، وقرأ قنبل بهمزة ساكنة بعد السين وقيل عنه أيضاً بضم الهمزة وواو بعدها، واختلف في سبب الفتنة التي وقعت لسليمان عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ولقد فتنا سليمان وألقينا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿على كرسيه جسداً ثم أناب﴾ فقال محمد بن إسحاق: عن وهب بن منبه قال: سمع سليمان بمدينة في جزيرة من جزائر البحر وكان الله تعالى قد أعطى سليمان في ملكه سلطاناً لا يمتنع عليه شيء في بر ولا بحر إنما يركب إليه الريح، فخرج إلى تلك المدينة تحمله الريح على ظهر الماء حتى نزل بها بجنوده من الجن والإنس، فأخذها وقتل ملكها وسبا ما فيها وأصاب فيما أصاب بنتاً لذلك الملك يقال لها جرادة لم ير مثلها حسناً وجمالاً فاصطفاها لنفسه ودعاها إلى الإسلام فأسلمت على جفاء منها وقلة فقه، وأحبها حباً لم يحبه شيئاً من نسائه وكانت على منزلتها عنده لا يذهب حزنها ولا يرقأ دمعها فشق ذلك على سليمان عليه السلام.
(٩/٣٠٥)


الصفحة التالية
Icon