﴿وخذ بيدك ضغثاً﴾ معطوف على اركض والضغث الحزمة الصغيرة من الحشيش والقضبان فيها مائة عود كشمراخ النخلة وقيل: الحزمة الكبيرة من القضبان، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿فاضرب به ولا تحنث﴾ يدل على تقدم يمين منه عليه الصلاة والسلام واختلفوا في سبب حلفه عليها ويبعد ما قيل أنها رغبته في طاعة الشيطان ويبعد أيضاً ما روي أنها قطعت ذؤابتيها لأن المضطر يباح له ذلك، بل الأقرب ما روي أن زوجته ليا بنت يعقوب وقيل: رحمة بنت افراثيم بن يوسف عليه السلام ذهبت لحاجة فأبطأت عليه فحلف في مرضه ليضربنها مائة إذا برئ.
ولما كانت حسنة الخدمة جعل الله تعالى يمينه بأهون شيء عليه وعليها وهذه الرخصة باقية في الحدود لما روي أنه ﷺ «أتي برجل ضعيف قد زنا بأمة فقال ﷺ خذوا مائة شمراخ واضربوه بها ضربة واحدة» ﴿إنا وجدناه صابراً﴾ أي: فيما أصابه في النفس والأهل والمال.
فإن قيل: كيف وجده صابراً وقد شكا إليه؟ أجيب بأوجه: أحدها: أن شكواه إلى الله تعالى كتمني العافية فلا يسمى جزعاً ولهذا قال يعقوب عليه السلام :﴿إنما أشكو بثي وحزني إلى الله﴾ (يوسف: ٨٦)
(٩/٣٢١)


الصفحة التالية
Icon