﴿إن تكفروا فإن الله﴾ أي: الذي له الكمال كله ﴿غني عنكم﴾ لأنه تعالى ما كلف المكلفين ليجر إلى نفسه منفعة أو ليدفع عن نفسه مضرة لأنه تعالى غني على الإطلاق، فيمتنع في حقه جر المنفعة ودفع المضرة؛ لأنه تعالى واجب الوجود لذاته، وواجب الوجود لذاته في جميع أفعاله يكون غنياً على الإطلاق، وأيضاً فالقادر على خلق السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والعرش والكرسي والعناصر الأربعة يمتنع أن ينتفع بصلاة زيد وصيام عمرو وأن يستضر بعدم صلاة هذا وعدم صيام ذاك ﴿ولا يرضى لعباده﴾ أي: لأحد منهم ﴿الكفر﴾ أي: بالإقبال على ما سواه وأنتم لا ترضون ذلك لعبيدكم مع أن ملككم لهم في غاية الضعف، ومعنى عدم الرضا به: لا يفعل فعل الراضي بأن يأذن فيه ويقر عليه ويثيب فاعله ويمدحه بل يفعل فعل الساخط بأن ينهى عنه ويذم عليه ويعاقب مرتكبه وإن كان بإرادته إذ لا يخرج شيء عنها، وهذا قول قتادة والسلف أجروه على عمومه، وقال ابن عباس: ولا يرضى لعباده المؤمنين الكفر وهم الذين قال الله تعالى فيهم ﴿إن عبادي ليس لك عليهم سلطان﴾ (الإسراء: ٦٥)
فيكون عاماً في اللفظ خاصاً في المعنى كقوله تعالى: ﴿عيناً يشرب بها عباد الله﴾ (الإنسان: ٦)
يريد بعض العباد.
﴿وإن تشكروا﴾ الله تعالى أي: فتؤمنوا بربكم وتطيعوه ﴿يرضه لكم﴾ أي: فيثيبكم عليه لأنه سبب فلاحكم. وقرأ السوسي في الوصل بسكون الهاء، وللدوري وهشام وجهان السكون والضم وصلة الهاء بواو للدوري، وابن كثير وابن ذكوان والكسائي والباقون بالسكون وهو لغة فيه.
(٩/٣٤٩)


الصفحة التالية
Icon