﴿وأمرت لأن﴾ أي: لأجل أن أو بأن ﴿أكون أول المسلمين﴾ أي: من هذه الأمة وبهذا زال التكرار.
وقال الزمخشري: فإن قلت كيف عطف أمرت على أمرت وهما واحد؟ قلت: ليسا بواحد لاختلاف جهتيهما، وذلك أن الأمر بالإخلاص وتكليفه شيء والأمر به ليحرز القائم به قصب السبق في الدين شيء آخر، وإذا اختلف وجها الشيء وصفتاه ينزل بذلك منزلة شيئين مختلفين.
ولما دعا المشركون النبي ﷺ إلى دين آبائه أمره الله تعالى بقوله سبحانه:
﴿قل إني أخاف إن عصيت ربي﴾ أي: المحسن إلي المربي لي بكل جميل وعبدت غيره ﴿عذاب يوم عظيم﴾ والمقصود من هذا الأمر المبالغة في زجر الغير عن المعاصي، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو أني بفتح الياء والباقون بسكونها.
﴿قل الله﴾ أي: المحيط بصفات الكمال وحده ﴿أعبد مخلصاً له﴾ وحده ﴿ديني﴾ من الشرك.
قال الرازي: فإن قيل: ما معنى التكرير في قوله تعالى ﴿قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين﴾ وقوله تعالى:
﴿قل الله أعبد مخلصاً له ديني﴾ قلنا: ليس هذا بتكرير لأن الأول إخبار بأنه مأمور من جهة الله تعالى بالإيمان بالعبادة، والثاني: إخبار بأنه أمر أن لا يعبد أحداً غير الله تعالى، وذلك أن قوله ﴿أمرت أن أعبد الله﴾ لا يفيد الحصر وقوله تعالى: ﴿قل الله أعبد﴾ يفيد الحصر أي: الله أعبد ولا أعبد أحداً سواه.
ويدل عليه أنه لما قال ﴿قل الله أعبد﴾ قال بعده:
(٩/٣٥٧)