وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ «من كانت لأخيه عنده مظلمة من عرض أو مال فليستحله اليوم قبل أن يؤخذ منه يوم لا دينار ولا درهم فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له أخذ من سيئاته فجعلت عليه». وعن أبي هريرة أيضاً قال: قال رسول الله ﷺ «أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وقد كان شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيقضي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار».
ثم إنه تعالى بين نوعاً آخر من قبائح أفعالهم بقوله تعالى:
(٩/٣٧٧)
﴿فمن﴾ أي: لا أحد ﴿أظلم﴾ أي: منهم هكذا كان الأصل، ولكن قال تعالى: ﴿ممن كذب﴾ تعميماً ﴿على الله﴾ أي: الذي الكبرياء رداؤه والعظمة إزاره بنسبة الولد والشريك إليه ﴿وكذب﴾ أي: أوقع التكذيب لكل من أخبره ﴿بالصدق﴾ أي: بالأمر الذي هو الصدق بعينه وهو ما جاء به محمد ﷺ ﴿إذ جاءه﴾ أي: فاجأه بالتكذيب لما سمع من غير وقفة ولا إعمال روية بتمييز بين حق وباطل كما يفعل أهل النصفة فيما يستمعون، وقرأ نافع وابن كثير وابن ذكوان وعاصم بإظهار الذال عند الجيم والباقون بالإدغام، ثم أردف ذلك بالوعيد فقال: ﴿أليس في جهنم﴾ أي: النار التي تلقى داخلها بالتجهم والعبوسة كما كان يلقى الحق وأهله ﴿مثوى﴾ أي: مأوى ﴿للكافرين﴾ أي: لهؤلاء الذين كذبوا على الله وكذبوا بالصدق، واللام في للكافرين إشارة إليهم والاستفهام بمعنى التقرير.
ولما ذكر من افترى وكذب ذكر مقابله وهو الذي جاء بالصدق وصدق به بقوله تعالى: