ولما حكى الله تعالى عن هؤلاء الكفار هذا الأمر العجيب الذي تشهد فطرة العقل بفساده أردفه بذكر الدعاء العظيم فقال تعالى:
(٩/٣٩٠)
﴿قل اللهم﴾ أي: يا الله ﴿فاطر السموات والأرض﴾ أي: مبدعهما من العدم أي: ألتجئ إلى الله تعالى بالدعاء لما تحيرت في أمرهم وعجزت في عنادهم وشدة شكيمتهم فإنه القادر على الأشياء والعالم بالأحوال كلها ﴿عالم الغيب والشهادة﴾ وصف تعالى نفسه بكمال القدرة وكمال العلم ﴿أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون﴾ أي: من أمر الدين وعن الربيع بن خيثم وكان قليل الكلام لما أخبر بقتل الحسين وسخط على قاتله وقالوا: الآن يتكلم فما زاد على أن قال: آه أوقد فعلوا وقرأ الآية، وروي أنه قال على أثرها: أو قتل من كان يجلسه رسول الله ﷺ في حجره ويضع فاه على فيه. وعن أبي سلمة قال: «سألت عائشة رضي الله عنها بم كان يفتتح رسول الله ﷺ صلاته بالليل قالت: كان يقول اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم».
ولما حكى الله تعالى عنهم هذا المذهب الباطل ذكر في وعيدهم أشياء.
أولها: قوله تعالى: