فإن قيل: كيف ذكر النعمة أولاً في قوله: ﴿إنما أوتيته﴾ ثم أنثها ثانياً؟ أجيب: بأنه ذكر أولاً لأن النعمة بمعنى المنعم به كما مر وقيل: تقديره شيئاً من النعمة وأتت ثانياً اعتباراً بلفظها أو لأن الخبر لما كان مؤنثاً أعني فتنة ساغ تأنيث المبتدأ لأجله لأنه في معناه كقولهم ما جاءت حاجتك وقيل: هي أي: الحالة أو القولة كما جرى عليه الجلال المحلي أو العطية أو النعمة كما قاله البقاعي ﴿ولكن أكثرهم﴾ أي: أكثر هؤلاء القائلين هذا الكلام ﴿لا يعلمون﴾ أن التخويل استدراج وامتحان.
﴿قد قالها﴾ أي: القولة المذكورة وهي قوله: ﴿إنما أوتيته على علم﴾ لأنها كلمة أو جملة من القول ﴿الذين من قبلهم﴾ أي: من الأمم الماضية. قال الزمخشري: هم قارون وقومه حيث قال إنما أوتيته على علم عندي، وقومه راضون به فكأنهم قالوها. قال: ويجوز أن يكون في الأمم الماضية آخرون قائلون مثلها ﴿فما أغنى عنهم﴾ أي: أولئك الماضين ﴿ما كانوا يكسبون﴾ أي: من متاع الدنيا ويجمعون منه.
(٩/٣٩٣)
﴿فأصابهم سيئات ما كسبوا﴾ أي: جزاؤها من العذاب ثم أوعد كفار مكة فقال تعالى ﴿والذين ظلموا﴾ أي: بالعتو ﴿من هؤلاء﴾ أي: من مشركي قومك ومن للبيان أو للتبعيض ﴿سيصيبهم سيئات ما كسبوا﴾ أي: كما أصاب أولئك ﴿وما هم بمعجزين﴾ أي: فائتين عذابنا فقتل صناديدهم يوم بدر وحبس عنهم الرزق فقحطوا سبع سنين فقيل لهم:


الصفحة التالية
Icon