(٩/٤٢٢)
هذا الرجل وشقشقته والذي أفادته الواو الجمع وهذا معلوم من ظاهر علم النحو. وأنشد بعضهم:
*وكم من عائب قولاً صحيحاً | وآفته من الفهم السقيم* |
وقال آخر:*قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد | وينكر الفم طعم الماء من سقم* |
ولما أتم الترغيب بالعفو والترهيب بالعقوبة أتبعه التشويق إلى الفضل فقال تعالى
﴿ذي الطول﴾ أي: سعة الفضل والإنعام والقدرة والغنى والسعة والمنة فلا يماثله في شيء من ذلك أحد ولا يدانيه، قال ابن عباس: غافر الذنب لمن قال لا إله إلا الله وقابل التوب ممن قال لا إله إلا الله شديد العقاب لمن لا يقول: لا إله إلا الله ذي الغنى عمن لا يقول لا إله إلا الله، وقال الحسن: ذو الفضل، وقال قتادة: ذو النعم ثم علل تمكنه من كل شيء من ذلك بوحدانيته فقال تعالى:
﴿لا إله إلا هو إليه﴾ وحده
﴿المصير﴾ أي: المرجع فلو جعل معه إلهاً آخر يشاركه في صفة الرحمة والفضل لما كانت الحاجة إلى عبوديته شديدة فكان الترغيب والترهيب الكاملان حاصلين بسبب هذا التوحيد وقوله تعالى:
﴿إليه المصير﴾ مما يقوي الرغبة في الإقرار بالعبودية له، روي أن عمر رضي الله تعالى عنه افتقد رجلاً ذا بأس شديد من أهل الشام، فقيل له: تتابع في هذا الشراب، فقال عمر لكاتبه: اكتب من عمر إلى فلان، سلام عليك وأنا أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو بسم الله الرحمن الرحيم حم إلى قوله تعالى:
﴿إليه المصير﴾ وختم الكتاب وقال لرسوله: لا تدفعه إليه حتى تجده صاحياً، ثم أمر من عنده بالدعاء له بالتوبة فلما أتته الصحيفة جعل يقرؤها ويقول قد وعدني الله أن يغفر لي وحذرني عقابه، فلم يبرح يرددها حتى بكى ثم نزع وأحسن النزوع وحسنت توبته، فلما بلغ عمر أمره قال: هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاكم قد زل زلة فسددوه وقفوه وادعوا له الله تعالى أن يتوب عليه ولا تكونوا أعواناً للشيطان عليه.
(٩/٤٢٣)