﴿اليوم تجزى﴾ أي: تقضى وتكافأ ﴿كل نفس بما﴾ أي: بسبب ما ﴿كسبت﴾ أي: عملت لا تترك نفس واحدة لأن العلم قد شملهم والقدرة قد أحاطت بهم وعمتهم، والحكمة قد منعت إهمال أحد منهم فيجزى المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ﴿لا ظلم اليوم﴾ أي: بوجه من الوجوه ﴿إن الله﴾ أي: التام القدرة الشامل للعلم ﴿سريع الحساب﴾ أي: بليغ السرعة فيه لا يشغله حساب أحد عن حساب غيره في وقت حساب ذلك الغير ولا يشغله شأن عن شأن لأنه تعالى لا يحتاج إلى تكلف عدّ ولا يفتقر إلى مراجعة كتاب ولا شيء، فكان في ذلك ترجية وخوف الفريقين لأن المؤمن يرجو إسراع البسط بالثواب والظالم يخشى إسراع الأخذ بالعذاب، وعن ابن عباس: إذا أخذ في حسابهم لم يقل أهل الجنة إلا فيها ولا أهل النار إلا فيها.
ثم نبه تعالى بقوله سبحانه:
﴿وأنذرهم يوم الآزفة﴾ أي: القيامة على أن يوم القيامة قريب، ونظيره قوله تعالى: ﴿اقتربت الساعة﴾ (القمر: ١)
قال الزجاج: إنما قيل لها آزفة لأنها قريبة وإن استبعد الناس مداها لأن ما هو كائن قريب، والآزفة فاعلة من أزف الأمر إذا دنا وحضر كقوله تعالى في صفة القيامة: ﴿أزفت الآزفة﴾ (النجم: ٥٧)
أي: قربت قال النابغة:
*أزف الترحل غير أن ركابنا | لما تزل برحالنا وكان وقد* |
وقال كعب بن زهير:*بان الشباب وهذا الشيب قد أزفا | ولا أرى لشباب بائن خلفا* |
(٩/٤٤٣)