تنبيه: في قراءة هاد ما تقدم في قوله: ﴿من واق﴾ (الرعد: ٣٤)
ولما قال لهم مؤمن آل فرعون: ﴿ومن يضلل الله فما له من هاد﴾ ذكر لهم مثالاً بقوله تعالى:
(٩/٤٥٨)
﴿ولقد جاءكم﴾ أي: جاء آباءكم يا معشر القبط، ولكنه عبر بذلك دلالة على أنهم على مذهب الآباء كما جرت به العادة من التقليد ومن أنهم على طبعهم لا سيما أن كانوا لم يفارقوا مساكنهم ﴿يوسف﴾ أي: نبي الله ابن نبي الله يعقوب ابن نبي الله إسحاق بن خليل الله إبراهيم عليهم وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام ﴿من قبل﴾ أي: قبل زمن موسى عليه السلام ﴿بالبينات﴾ أي: الآيات الظاهرات لا سيما في أمر يوم التناد ﴿فما زلتم﴾ أي: ما برحتم أنتم تبعاً لآبائكم ﴿في شك﴾ أي: محيط بكم لم تصلوا إلى رتبة الظن ﴿مما جاءكم به﴾ من التوحيد، وقال ابن عباس: من عبادة الله وحده لا شريك له فلم تنتفعوا البتة بتلك البينات ودل على تمادي شكهم بقوله تعالى: ﴿حتى إذا هلك﴾ فهو غاية أي: فما زلتم في شك حتى هلك ﴿قلتم لن يبعث الله﴾ أي: الذي له صفات الكمال ﴿من بعده﴾ أي: يوسف عليه السلام ﴿رسولاً﴾ أي: أقمتم على كفركم وظننتم أن الله لا يجدد عليكم الحجة، وهذا ليس إقراراً منهم برسالته بل هو ضم منهم إلى الشك في رسالته والتكذيب برسالة من بعده وقوله تعالى: ﴿كذلك﴾ خبر مبتدأ مضمر أي: الأمر كذلك أو مثل هذا الضلال ﴿يضل الله﴾ أي: بما له من صفات القهر ﴿من هو مسرف﴾ أي: مشرك متغال في الأمور خارج عن الحدود ﴿مرتاب﴾ أي: شاك فيما تشهد به البينات بغلبة الوهم والانهماك في التقليد ثم بين تعالى ما لأجله بقوا في الشك والإسراف فقال سبحانه:
(٩/٤٥٩)


الصفحة التالية
Icon