﴿من عمل سيئة﴾ أي: ما يسوء من أي صنف كان الذكور والإناث المؤمنين والكافرين ﴿فلا يجزى﴾ أي: من الملك الذي لا ملك سواه ﴿إلا مثلها﴾ عدلاً منه لا يزاد عليها مقدار ذرة ولا أصغر منها ﴿ومن عمل صالحاً﴾ أي: ولو قل ﴿من ذكر أو أنثى وهو﴾ أي: والحال أنه ﴿مؤمن﴾ إذ لا يصح عمل بدون إيمان ﴿فأولئك﴾ أي: العالو الرتبة والهمة ﴿يدخلون الجنة﴾ أي: بأمر من له الأمر كله بعد أن تضاعف لهم أعمالهم، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وشعبة بضم الياء وفتح الخاء والباقون بفتح الياء وضم الخاء ﴿يرزقون فيها﴾ أي: الجنة من غير احتياج إلى تحيل ولا إلى أسباب ﴿بغير حساب﴾ لخروج ما فيها لكثرته عن الحصر فإن أدنى أهلها منزلة لو أضاف كل أهل الأرض لكفاهم من غير أن ينقص من ملكه شيء، وهذا من باب الفضل وفضل الله لا حد له ورحمته غلبت غضبه، وأما جزاء السيئة فمن باب العدل فلذلك وقع الحساب فيها لئلا يقع الظلم، قال الأصبهاني: فإذا عارضنا عمومات الوعيد بعمومات الوعد ترجح الوعد بسبق الرحمة الغضب فانهدمت قواعد المعتزلة ثم كرر الوعظ عليهم بقوله:
(٩/٤٦٤)
﴿ويا قوم ما﴾ أي: أي شيء من الحظوظ والمصالح ﴿لي﴾ في أني ﴿أدعوكم إلى النجاة﴾ والجنة شفقة عليكم ورحمة لكم واعترافاً بحقكم ﴿وتدعونني إلى النار﴾ والهلاك بالكفر فالآية من الاحتباك، ذكر النجاة الملازمة للإيمان أولاً دليلاً على حذف الهلاك الملازم للكفران ثانياً والنار ثانياً دليلاً على حذف الجنة أولاً، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وهشام بفتح ياء مالي والباقون بسكونها واتفقوا على سكون الياء من تدعونني.
ولما أخبر ذلك المؤمن بقلة إنصافهم إجمالاً بينه بقوله:
(٩/٤٦٥)