﴿وإذا﴾ على ثلاثة أوجه؛ أحدها: أنه معطوف على غدواً فيكون معمولاً ليعرضون على النار في هذه الأوقات كلها، قاله أبو البقاء، ثانيها: أنه معطوف على قوله إذا القلوب لدى الحناجر قاله الطبري ونظر فيه لبعد ما بينهما، وثالثها: أنه منصوب بإضمار اذكر أي: واذكر يا أشرف الخلق لقومك إذ ﴿يتحاجون﴾ أي: الكفار ﴿في النار﴾ أي: يتخاصمون فيها أتباعهم ورؤساؤهم مما لا يغنيهم ﴿فيقول الضعفاء﴾ أي: الأتباع ﴿للذين استكبروا﴾ أي: طلبوا أن يكونوا كبراءهم الرؤساء ﴿أنا كنا لكم﴾ أي: دون غيركم ﴿تبعاً﴾ أي: أتباعاً فتكبرتم على الناس بنا ﴿فهل أنتم﴾ أيها الكبراء ﴿مغنون﴾ أي: كافون ومجزئون وحاملون ﴿عنا نصيباً من النار﴾.
تنبيه: تبعاً اسم جمع لتابع ونحوه خادم وخدم، قال البغوي: والتبع يكون واحداً وجمعاً في قول أهل البصرة واحده تابع، وقال الكوفيون: هو جمع لا واحد له وجمعه أتباع، وقيل: إنه مصدر واقع موقع اسم الفاعل أي: تابعين، وقيل: مصدر ولكنه على حذف مضاف أي: ذوي تبع ونصيباً منصوب بفعل مقدر يدل عليه قولهم مغنون وتقديره: هل أنتم دافعون عنا نصيباً، وقيل: منصوب على المصدر، قال البقاعي: كما كان شيئاً كذلك ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً﴾ في موضع غني فكذلك نصيباً ومن النار صفة لنصيباً.
﴿قال الذين استكبروا﴾ أي: من شدة ما هم فيه ﴿إنا كل﴾ أي: نحن وأنتم ﴿فيها﴾ فكيف نغني عنكم ولو قدرنا أغنينا عن أنفسنا ﴿إن الله﴾ أي: المحيط بأوصاف الكمال ﴿قد حكم﴾ بالعدل ﴿بين العباد﴾ أي: فأدخل أهل الجنة دارهم وأهل النار دارهم فلا يغني أحد عن أحد شيئاً فعند ذلك يحصل اليأس للأتباع من المتبوعين فيرجعون كلهم إلى خزنة جهنم يسألونهم كما حكى الله عنهم بقوله سبحانه وتعالى:
(٩/٤٧٠)