(٩/٤٨٤)
. ﴿إن الله﴾ أي: ذا الجلال والإكرام ﴿لذو فضل﴾ أي: عظيم جداً باختياره ﴿على الناس﴾ أي: كافة باختلاف الليل والنهار وما يحتويان عليه من المنافع ﴿ولكن أكثر الناس لا يشكرون﴾ الله فلا يؤمنون وينسبون أفعاله سبحانه إلى غيره جهلاً ويعلمون بما يسلب عنهم اسم الشكر من الشرك وغيره، فإن قيل: ما الحكمة في قوله تعالى: ﴿ولكن أكثر الناس﴾ ولم يقل ولكن أكثرهم ولا يكرر ذكر الناس؟ أجيب: بأن في هذا التكرار تخصيصاً لكفران النعمة بهم وأنهم هم الذين يكفرون فضل الله تعالى ولا يشكرونه كقوله تعالى: ﴿إن الإنسان لظلوم كفار﴾ (إبراهيم: ٣٤)
ولما بين تعالى بتلك الدلائل المذكورة وجود الإله القادر قال تعالى:
﴿ذلكم﴾ أي: أيها المخاطبون ﴿الله﴾ أي: الملك الأعظم المعلوم لكل أحد المتميز عن كل شيء بالأفعال التي لا يشاركه فيها أحد ﴿ربكم﴾ أي: المربي لكم المحسن إليكم ﴿خالق كل شيء﴾ أي: بما ثبت من تمام قدرته لأنه ﴿لا إله إلا هو﴾ أي: هو الجامع لهذه الأوصاف من الإلهية والربوبية فهي أخبار مترادفة وإذا كان خالق كل شيء ﴿فأنى﴾ أي: فكيف ومن أي وجه ﴿تؤفكون﴾ أي: تصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره.
﴿كذلك﴾ أي: مثل هذا الصرف البعيد عن مناهج العقلاء ﴿يؤفك﴾ أي: يصرف ﴿الذين كانوا﴾ أي: مطبوعين على أنهم ﴿بآيات الله﴾ أي: ذي الجلال والكمال ﴿يجحدون﴾ أي: ينكرون عناداً ومكابرة.
ولما كان دلائل وجوده تعالى إما أن تكون من دلائل الآفاق وهي غير الإنسان وهي أقسام وذكر منها أحوال الليل والنهار كما تقدم، ذكر أيضاً منها ههنا الأرض والسماء فقال تعالى:
(٩/٤٨٥)