﴿هو الحي﴾ بما يفيد الحصر بأنه لا حي على الدوام إلا هو ثم نبه تعالى على وحدانيته بقوله سبحانه: ﴿لا إله إلا هو﴾ ثم أمر العباد بالإخلاص في الدعاء فقال تعالى: ﴿فادعوه﴾ أي: اعبدوه ﴿مخلصين له الدين﴾ أي: من كل شرك جلي أو خفي.
ولما كان تعالى موصوفاً بصفات الجلال والعزة استحق لذاته أن يقال له: ﴿الحمد﴾ أي: الإحاطة بأوصاف الكمال ﴿لله﴾ أي: المسمى بهذا الاسم الجامع لمجامع معاني الأسماء الحسنى ﴿رب العالمين﴾ أي: الذي رباهم هذه التربية، وقال الفراء: هو خبر وفيه إضمار الأمر ومجازه فادعوه واحمدوه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: من قال لا إله إلا الله فليقل: على أثرها الحمد لله رب العالمين.
ولما أورد على المشركين تلك الأدلة الدالة على إثبات إله العالم أمره بقوله تعالى:
﴿قل﴾ أي: لهؤلاء الذين يجادلونك في البعث مقابلاً لإنكارهم بالتوكيد ﴿إني نهيت﴾ أي: ممن لا نهي لغيره نهياً عاماً ببراهين العقول ونهياً خاصاً بأدلة النقل ﴿أن أعبد الذين تدعون﴾ أي: تعبدون ﴿من دون الله﴾ أي: الذي له الكمال كله، قال البقاعي: ودل على أنه ما كان متعبداً قبل البعثة بشرع أحد بقوله: ﴿لما جاءني البينات﴾ أي: الحجج وهي ما تقدم من الدلائل الدالة على أن إله العالم قد ثبت كونه موصوفاً بصفات الجلال والعظمة وصريح العقل يشهد بأن العبادة لا تليق إلا له وأما الأحجار المنحوتة والأخشاب المصورة فلا تصح أن تكون شركاء له. ثم نبه على أنه تعالى كما يستحق الإفراد بالعبادة لذاته يستحقها شكراً لإحسانه بقوله: ﴿من ربي﴾ أي: المربي لي تربية خاصة هي أعلى من كل مخلوق سواي فأنا أعبده عبادة تفوق عبادة كل عابد.
(٩/٤٨٧)