﴿وقالوا﴾ أي: عند إعراضهم ممثلين في عدم قبولهم ﴿قلوبنا في أكنة﴾ أي: أغشية محيطة بها والأكنة جمع كنان كأغطية جمع غطاء والكنان هو الذي تجعل فيه السهام والمعنى لانفقه ما تقول ﴿مما تدعونا﴾ أيها المخبر بأنه نبي ﴿إليه﴾ فلا سبيل إلى الوصول إليها لتفقه أصلاً، فإن قيل: هلا قالوا على قلوبنا أكنة كما قالوا: ﴿وفي آذاننا﴾ أي: التي نسمع بها وهي أحد الطرق الموصلة إلى القلوب ﴿وقر﴾ أي: ثقل قد أصمها عن سماعه ليكون على نمط واحد؟ أجيب: بأنه على نمط واحد لأنه لا فرق في المعنى بين قولك قلوبنا في أكنة وعلى قلوبنا أكنة، والدليل عليه قوله تعالى: ﴿إنا جعلنا على قلوبهم أكنة﴾ (الكهف: ٥٧)
ولو قيل: إنا جعلنا قلوبهم في أكنة لم يختلف المعنى، والمعنى: إنا في ترك القبول عنك بمنزلة من لا يفهم ولا يسمع ﴿ومن بيننا وبينك حجاب﴾ أي: حاجز من جبل أو نحوه فلا تلاقي ولا ترائي ﴿فاعمل﴾ أي: على دينك ﴿إننا عاملون﴾ على ديننا أو فاعمل في إبطال أمرنا إننا عاملون في إبطال أمرك، فإن قيل: هل لزيادة من في قولهم من بيننا وبينك حجاب فائدة؟ أجيب: بنعم لأنهم لو قالوا وبيننا وبينك حجاب لكان المعنى أن حجاباً حاصل وسط بين الجهتين، وإما بزيادة من، فالمعنى أن الحجاب ابتداء منا وابتداء منك فالمسافة المتوسطة لجهتنا وجهتك كلها مستوعبة بالحجاب لا فراغ فيها.
ولما أخبروا بإعراضهم وعللوا بعدم فهمهم لما يدعو إليه أمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمداً ﷺ بجواب يبين أنهم على محض العناد فقال تعالى:
(١٠/٧)