(١٠/٢٣)
أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} فأمسكت بفيه وناشدته الرحم حتى سكت، ولقد علمتم أن محمداً إذا قال شيئاً لم يكذب فخفت أن ينزل عليكم العذاب».
وفي رواية لمحمد بن كعب أنه قال: إني سمعت قرآناً والله ما سمعت بمثله قط ما هو شعر ولا سحر ولا كهانة يا معشر قريش أطيعوني، خلوا بينكم وبين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه والله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظفر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم وأنتم أسعد الناس به، قالوا: سحرك والله يا أبا لوليد بلسانه قال: هذا رأي لكم فاصنعوا ما بدا لكم.
ولما جمعهم الله فيما اجتمعوا فيه حتى كأنهم تواصوا به، فصّلهم وفصّل ما اختلفوا فيه فقال مسبباً عما مضى من مقالاتهم:
﴿فأما عاد﴾ أي: قوم هود عليه السلام ﴿فاستكبروا﴾ أي: طلبوا الكبر وأوجدوه ﴿في الأرض﴾ أي: كلها التي كانوا فيها بالفعل وغيرها بالقوة أو في الكل بالفعل لكونهم ملكوها كلها، ثم بين كبرهم أنه ﴿بغير الحق﴾ أي: الذي لم يطابق الواقع، ثم ذكر تعالى سبب الاستكبار بقوله تعالى: ﴿وقالوا من أشد منا قوة﴾ وذلك أن هوداً عليه السلام هددهم بالعذاب، فقالوا: نحن نقدر على دفع العذاب بفضل قوتنا، وكانوا ذوي أجسام طوال طول الطويل منهم أربعمائة ذراع كما سيأتي في سورة الفجر، قال الله تعالى رداً عليهم:
﴿أولم يروا﴾ أي: يعلموا علماً هو كالمشاهدة ﴿أن الله﴾ أي: المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿الذي خلقهم﴾ ولم يكونوا شيئاً ﴿هو أشد منهم قوة﴾ ومن علم أن غيره أقوى منه وكان عاقلاً انقاد له فيما ينفعه ولا يضره، وقوله تعالى: ﴿وكانوا بآياتنا يجحدون﴾ أي: يعرفون أنها حق وينكرونها، عطف على فاستكبروا.
(١٠/٢٤)