﴿فإن يصبروا فالنار مثوىً﴾ أي: منزل ﴿لهم﴾ أي: إن أمسكوا عن الاستغاثة لفرج ينتظرونه لم يجدوا ذلك وتكون النار مقاماً لهم ﴿وإن يستعتبوا﴾ أي: يسألوا العتبى وهو، الرجوع لهم إلى ما يحبون جزعاً مما هم فيه ﴿فما هم من المعتبين﴾ أي: المجابين إليها، ونحوه قوله عز وجل: ﴿أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص﴾ (إبراهيم: ٢١)
ولما ذكر وعيدهم في الدنيا والآخرة أتبعه سبب كفرهم الذي هو سبب الوعيد فقال تعالى:
﴿وقيضنا﴾ قال مقاتل: هيأنا وقال الزجاج: سببنا ﴿لهم﴾ أي: للكفرة وأصل التقييض: التيسير والتهيئة يقال: قيضته للدواء هيأته له ويسرته، وهذان ثوبان قيضان أي: كل منهما مكافئ للآخر في الثمن وقوله تعالى: ﴿قرناء﴾ أي: نظراء من الشياطين حتى أضلوهم، جمع قرين قال تعالى: ﴿ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين﴾ ﴿فزينوا لهم﴾ أي: من القبائح ﴿ما بين أيديهم﴾ أي: من أمر الدنيا حتى آثروها على الآخرة ﴿وما خلفهم﴾ أي: من أمر الآخرة فدعوهم إلى التكذيب وإنكار البعث، وقال الزجاج: زينوا لهم ما بين أيديهم من أمر الآخرة أنه لا بعث ولا جنة ولا نار، وما خلفهم من أمر الدنيا بأن الدنيا قديمة ولا صانع إلا الطبائع والأفلاك، قال القشيري: إذا أراد الله بعبده سوءاً قيض له إخوان سوء وقرناء سوء يحملونه على المخالفات ويدعونه إليها، ومن ذلك الشيطان، وشر منه النفس وبئس القرين، تدعو اليوم إلى ما فيه الهلاك وتشهد غداً عليه، وإذا أراد الله بعبده خيراً قيض الله له قرناء خير يعينونه على الطاعة ويحملونه عليها ويدعونه إليها.
(١٠/٣٢)


الصفحة التالية
Icon