(١٠/٤٦)
﴿لا يأتيه الباطل﴾ لأنه يمتنع منه بمتانة وصفه وجزالة نظمه وحلاوة معانيه فلا يلحقه تغيير ﴿من بين يديه ولا من خلفه﴾ أي: لا يتطرق إليه الباطل من جهة من الجهات لأن قدام أوضح ما يكون وخلف أخفى ما يكون فما بين ذلك من باب أولى، والعبارة كناية عن ذلك لأن صفة الله تعالى لا وراء لها ولا أمام لها على الحقيقة، ومثل ذلك ليس وراء الله تعالى مرمى ولا دونه منتهى، وقال قتادة والسدي: الباطل هو الشيطان لا يستطيع أن يغيره أو يزيد فيه أو ينقص منه، وقال الزجاج: معناه أنه محفوظ من أن ينقص منه فيأتيه الباطل من بين يديه أو يزاد فيه فيأتيه الباطل من خلفه، وعلى هذا فمعنى الباطل الزيادة أو النقصان، وقال مقاتل: لا يأتيه التكذيب من الكتب التي قبله ولا يأتي بعده كتاب فيبطله، ثم علل ذلك بقوله تعالى: ﴿تنزيل﴾ أي: بحسب التدريج لأجل المصالح ﴿من حكيم﴾ أي: بالغ الحكمة فهو يضع كل شيء منه في أتم محله من وقت النزول وسياق النظم ﴿حميد﴾ أي: بالغ الإحاطة بأوصاف الكمال من الحكمة وغيرها والتطهر والتقديس عن كل شائبة نقصِ يحمده كل خلقه بلسان حاله إن لم يحمده بلسان قاله، فإن قيل: أما طعن فيه الطاعنون وتأوله المبطلون؟ أجيب: بأن الله تعالى حماه عن تعلق الباطل به بأن قيض قوماً عارضوهم بإبطال تأويلهم وإفساد أقاويلهم، فلم يخلوا طعن طاعن إلا ممحوقاً ولا قول مبطل إلا مضمحلاً ونحو هذا قوله تعالى: ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ (الحجر: ٩)
ثم سلَّى نبيه محمداً ﷺ بقوله تعالى:
(١٠/٤٧)