تنبيه: عدل عن التأنيث ولم يقل يسبحن مراعاة للفظ التذكير وضمير الجمع، إشارة إلى قوة التسبيح وكثرة المسبحين، فإن قيل: قوله تعالى: ﴿ويستغفرون لمن في الأرض﴾ عام فيدخل فيه الكفار ولقد لعنهم الله تعالى فقال سبحانه: ﴿أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين﴾ (البقرة: ١٦١)
(١٠/٦٢)
فكيف يكونون لاعنين لهم ومستغفرين لهم؟ أجيب: بوجوه؛ الأول: أنه عام مخصوص بآية غافر ﴿ويستغفرون للذين آمنوا﴾ (غافر: ٧)، الثاني: أن قوله تعالى: ﴿لمن في الأرض﴾ لا يفيد العموم لأنه يصح أن يقال استغفروا لبعض من في الأرض دون البعض ولو كان صريحاً في العموم لما صح ذلك، الثالث: يجوز أن يكون المراد بالاستغفار أن لا يعاجلهم بالعقاب كما في قوله تعالى: ﴿إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا﴾ إلى أن قال تعالى ﴿إنه كان حليماً غفوراً﴾ (الإسراء: ٤٤)
الرابع: يجوز أن يقال إنهم يستغفرون لكل من في الأرض أما في حق الكفار فبطلب الإيمان لهم، وأما في حق المؤمنين فبالتجاوز عن سيئاتهم، فإنا نقول اللهم اهد الكفار وزين قلوبهم بنور الإيمان وأزل عن خواطرهم وحشة الكفر، وهذا استغفار في الحقيقة وقوله تعالى: ﴿ألا إن الله﴾ أي: الذي له الإحاطة بصفات الكمال ﴿هو﴾ أي: وحده ﴿الغفور الرحيم﴾ تنبيه على أن الملائكة وإن كانوا يستغفرون للبشر إلا أن المغفرة المطلقة لله تعالى، وهذا يدل على أنه تعالى يعطي المغفرة التي طلبوها ويضم إليها الرحمة.u