ثالثها: أن التبليغ كان واجباً عليه قال تعالى: ﴿بلغ ما أنزل إليك من ربك﴾ (المائدة: ٦٧)
الآية وطلب الأجر على أداء الواجب لا يليق بأقل الناس فضلاً عن أعلم العلماء.
رابعها: أن النبوة أفضل من الحكمة وقال تعالى: ﴿ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً﴾ (البقرة: ٢٦٩)
ووصف الدنيا بأنها متاع قليل قال تعالى ﴿قل متاع الدنيا قليل﴾ (النساء: ٧٧)
فكيف يحسن بالعقل مقابلة أشرف الأنبياء بأخس الأشياء، خامسها: أن طلب الأجر يوجب التهمة وذلك ينافي القطع بصحة النبوة، فثبت بهذه الوجوه أنه لا يجوز من النبي ﷺ أن يطلب أجراً البتة على التبليغ والرسالة وههنا قد ذكر ما يجري مجرى طلب الأجر وهو المودة في القربى؟ أجيب: بأنه لا نزاع في أنه لا يجوز طلب الأجر على التبليغ وأما قوله تعالى: ﴿إلا المودة في القربى﴾ فالجواب عنه من وجهين؛ الأول: أن هذا من باب قوله:

*ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب*
يعني: أني لا أطلب منكم إلا هذا وهذا في الحقيقة ليس أجراً لأن حصول المودة بين المسلمين أمر واجب قال تعالى: ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض﴾ (التوبة: ٧١)
(١٠/٨٧)


الصفحة التالية
Icon