﴿أومن ينشأ﴾ أي: على ما جرت به عوائدكم ﴿في الحلية﴾ يجوز في مَنْ وجهان؛ أحدهما: أن تكون في محل نصب مفعولاً بفعل مقدر أي: أو تجعلون من ينشأ في الحلية، والثاني: أنه مبتدأ وخبره محذوف تقديره أو من ينشأ جزء أولد أو جعلوه له جزأ، والمعنى: أن التي تتزين في الحلية تكون ناقصة الذات لأنه لولا نقصانها في ذاتها لما احتاجت إلى تزيين نفسها بالحلية، وقرأ حمزة والكسائي وحفص بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين أي: يربي، والباقون بفتح الياء وسكون النون وتخفيف الشين، وإذا وقف همزة وهشام أبدلا الهمزة ألفاً ولهما أيضاً تسهيلها والروم والإشمام، ثم بين نقصان حالها بطريق آخر بقوله تعالى: ﴿وهو﴾ أي: والحال أنه وقدم في إفادة الاهتمام قوله تعالى: ﴿في الخصام﴾ أي: المجادلة إذا احتج إليها فيها ﴿غير مبين﴾ أي: مظهر حجته لضعفه عنها بالأنوثة، قال قتادة: في هذه الآية قلما تتكلم امرأة فتريد أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها، ثم بين تعالى جرأتهم على ما لا ينبغي لعاقل أن يتفوه بقوله تعالى:
﴿وجعلوا الملائكة الذين هم﴾ متصفون بأشرف الأوصاف وهو أنهم ﴿عباد الرحمن﴾ أي: العام النعمة الذين ما عصوه طرفة عين ﴿إناثاً﴾ وذلك أدنى الأوصاف خلقاً وخلقاً ذاتاً وصفة فهذا كفر ثالث كالكافرين قبله، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر: بكسر العين وبعدها نون ساكنة ونصب الدال، والباقون بعد العين بباء موحدة مفتوحة وبعدها ألف ورفع الدال ثم قال تعالى تهكماً بهؤلاء القائلين ذلك وتوبيخاً لهم وإنكاراً عليهم ﴿أشهدوا﴾ أي: أحضروا ﴿خلقهم﴾ أي: خلقي إياهم فشاهدوهم إناثاً فإن ذلك مما يعلم بالمشاهدة، وقرأ نافع بهمزتين الأولى مفتوحة والثانية مضمومة مسهلة كالواو وسكون الشين، وأدخل قالون بينهما ألفاً ولم يدخل ورش والباقون بهمزة واحدة مفتوحة وفتح الشين.
(١٠/١٣٣)


الصفحة التالية
Icon