فيكون المعنى ويجعل لهم مع ذلك ذهباً كثيراً، وقيل: الزخرف الزينة لقوله تعالى: ﴿حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وأزينت﴾ (يونس: ٢٤)
فيكون المعنى نعطيهم زينة عظيمة في كل باب ﴿وإن كل ذلك﴾ أي: البعيد من الخير لكونه في الأغلب مبعداً مما يرضينا ﴿لما متاع الحياة الدنيا﴾ أي: التي اسمها دال على دناءتها يتمتع به فيها ثم يزول، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة: بتشديد الميم بعد اللام بمعنى إلا حكى سيبويه: (أنشدتك الله لما فعلت) بمعنى إلا، وتكون أن نافية أي: وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا، وقرأ الباقون: بالتخفيف فتكون إن هي المخففة من الثقيلة أي: وإنه كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا.
﴿والآخرة﴾ أي: الجنة التي لا دار تعدلها بل لا دار في الحقيقة إلا هي ﴿عند ربك﴾ أي: المحسن إليك بأن جعلك أفضل الخلق ﴿للمتقين﴾ أي: الذين هم دائماً واقفون عن أدنى تصرف إلا بدليل لا يشاركهم فيها غيرهم من الكفار، ولهذا لما ذكر عمر رضي الله عنه كسرى وقيصر وما كانا فيه من النعم قال النبي ﷺ «ألا ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة» وقال ﷺ «لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها الكافر قطرة ماء».
(١٠/١٤٥)
وروى المستورد بن شداد قال: «كنت في الركب الذين وقفوا مع رسول الله ﷺ على السخلة الميتة فقال رسول الله ﷺ أترى هذه هانت على أهلها حتى ألقوها قالوا: من هوانها ألقوها قال رسول الله ﷺ فالدنيا أهون على الله من هذه على أهلها» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن. وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر». وعن قتادة بن النعمان أن رسول الله ﷺ قال: «إذا أحب الله عبده حماه من الدنيا كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء».


الصفحة التالية
Icon