﴿وهو الذي في السماء إله﴾ أي: معبود لا شريك له ﴿وفي الأرض إله﴾ تتوجه الرغبات إليه في جميع الأحوال وتخلص إليه في جميع أوقات الاضطرار، فقد وقع الإجماع من جميع من في السماء والأرض على إلهيته فثبت استحقاقه لهذه الرتبة وثبت اختصاصه باستحقاقها في الشدائد فباقي الأوقات كذلك من غير فرق لأنه لا مشارك له في هذا الاستحقاق فعبادة غيره باطلة، وقرأ قالون والبزي بتسهيلها مع المد والقصر، وقرأ أبو عمرو بإسقاط الهمزة الأولى مع المد والقصر، وقرأ ورش وقنبل بتسهيل الثانية وإبدالها أيضاً ألفاً وقرأ الباقون بتحقيقهما.
تنبيه: كل من الظرفين متعلق بما بعده لأن إله بمعنى معبود أي: معبود في السماء ومعبود في الأرض وحينئذ يقال: الصلة لا تكون إلا جملة أو ما في تقديرها وهو الظرف وعديله ولا شيء منهما هنا؟ أجيب: بأن المبتدأ حذف لدلالة المعنى عليه وذلك المحذوف هو العائد تقديره وهو الذي هو في السماء إله وهو في الأرض إله، وإنما حذف لطول الصلة بالمعمول فإن الجار متعلق بإله ومثله ما أنا بالذي قائل لك سوأ ﴿وهو الحكيم﴾ أي: البليغ الحكمة في تدبير خلقه ﴿العليم﴾ أي: البالغ في علمه بمصالحهم.
﴿وتبارك﴾ أي: وثبت ثباتاً لا يشبهه ثبات لأنه لا زوال له مع اليمن والبركة وكل كمال فلا شبيه له حتى يدعى أنه ولد له أو شريك. ثم وصفه تعالى بما يبين تباركيته واختصاصه بالألوهية فقال عز من قائل: ﴿الذي له ملك السموات﴾ أي: كلها ﴿والأرض﴾ كذلك ﴿وما بينهما﴾ أي: وما بين كل اثنين منهما، والدليل على هذا الإجماع القائم على توحيده عند الاضطرار ﴿وعنده﴾ أي: وحده ﴿علم الساعة﴾ أي: العلم بالساعة التي تقوم القيامة فيها ﴿وإليه﴾ أي: وحده لا إلى غيره ﴿ترجعون﴾ بأيسر أمر تحقيقاً لملكه وقطعاً للنزاع في وحدانيته، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بالياء التحتية على الغيبة، والباقون بالفوقية على الالتفات للتهديد.
(١٠/١٧٧)


الصفحة التالية
Icon