وعن ابن عباس: أن الله تعالى يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدور، وروي: أن الله تعالى أنزل القرآن من اللوح المحفوظ في ليلة البراءة ووقع الفراغ في ليلة القدر فدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل ونسخة الحروب إلى جبريل وكذلك الزلازل والصواعق والخسف ونسخة الأعمال، قال ابن عادل: إلى إسرافيل وقال الزمخشري: إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا وهو ملك عظيم ونسخة المصائب إلى ملك الموت، قال الزمخشري: وعن بعضهم يعطى كل عامل بركات أعماله فيلقى على ألسنة الخلق مدحه وعلى قلوبهم هيبته وقوله تعالى:
﴿أمراً﴾ أي: فرقاً حال من فاعل أنزلناه ومن مفعوله أي: أنزلناه آمرين أو مأموراً به كائناً ﴿من عندنا﴾ على مقتضى حكمتنا وقوله تعالى: ﴿إنا كنا﴾ أي: أزلاً وأبداً ﴿مرسلين﴾ جواب ثالث أو مستأنف أو بدل من قوله تعالى: ﴿إنا كنا منذرين﴾ أي: لنا صفة الإرسال بالقدرة عليها في كل حين والإرسال لمصالح العباد لا بد فيه من الفرقان بالبشارة والنذارة وغيرهما حتى لا يكون لبس فلا يكون لأحد على الله تعالى حجة، قال البقاعي: وهذا الكلام المنتظم والقول الملتئم بعضه ببعض المتراصف أجمل رصف في وصف ليلة الإنزال دال على أنه لم ينزل صحيفة ولا كتاباً إلا في هذه الليلة، فيدل على أنها ليلة القدر للأحاديث الواردة في أن الكتب كلها نزلت فيها، وكذلك قوله تعالى في سورة القدر: ﴿تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر﴾ (القدر: ٤)
فإن الوحي الذي هو مجمع ذلك هو روح الأمر الحكيم ثم بين تعالى حال الرسالات بقوله تعالى:
(١٠/١٨٥)