فمن أعظم آياتي أن لا تصلوا مع قوتكم وكثرتكم إلى قتلي مع أنه لا قوة لي بغير الله الذي أرسلني، وقال ابن عباس: أن ترجمون بالقول وهو الشتم وتقولوا: هو ساحر، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي عذت بإدغام الذال في التاء، والباقون بالإظهار، وقرأ ورش بإثبات الياء بعد النون في ترجمون في الوصل دون الوقف، والباقون بغير ياء وقفاً وصلاً وكذلك فاعتزلون الآتي.
ولما كان التقدير فإن آمنتم بذلك وسلمتم لي أفلحتم عطف عليه قوله تعالى:
﴿وإن لم تؤمنوا لي﴾ أي: تصدقوا لأجل ما أخبرتكم به ﴿فاعتزلون﴾ أي: كونوا بمعزل مني لا عليّ ولا ليّ فلا تتعرضوا إلي بسوء فإنه ليس جزاء دعائكم إلى ما فيه فَلا حُكم، والفاء في قوله تعالى:
﴿فدعا﴾ تدل على أنه متصل بمحذوف قبله وتأويله أنهم كفروا ولم يرضوا فدعا موسى عليه السلام ﴿ربه﴾ الذي أحسن إليه سياسته وسياسة قومه ثم فسر ما دعا بقوله: ﴿أن هؤلاء﴾ أي: الحقيرين الأذلين الأرذلين ﴿قوم﴾ لهم قوة على القيام فيما يحاولونه ﴿مجرمون﴾ أي: موصوفون بالعراقة في قطع ما أمرت به أن يوصل، فإن قيل: الكفر أعظم حالاً من الجرم فما السبب في أنه جعل الكفار مجرمين حين أراد المبالغة في ذمهم؟ أجيب: بأن الكافر قد يكون عدلاً في دينه وقد يكون فاسقاً في دينه والفاسق في دينه، أخس الناس. ثم تسبب عن دعائه لأنه ممن يستجاب دعاؤه قوله تعالى:
(١٠/١٩٣)
﴿فأسر بعبادي﴾ أي: بني إسرائيل الذين أرسلناك لإسعادهم باستنقاذهم ممن يظلمهم وتفريغهم لعبادتي وقوله تعالى: ﴿ليلاً﴾ نصب على الظرفية، والإسراء: سير الليل، فذكر الليل تأكيد بغير اللفظ وإنما أمره بالسير بالليل لأنه أوقع بالقبط موت الإبكار ليلاً فأمر موسى أن يخرج بقومه في ذلك الوقت خوفاً من أن يموتوا مع القبط.