﴿ولقد اخترناهم﴾ أي: بني إسرائيل بما لنا من العظمة ﴿على علم﴾ أي: عالمين بأنهم أحقاء بأن يختاروا ويجوز أن يكون المعنى مع علم منا بأنهم يزيغون ويفرط منهم الفرطات في بعض الأحوال. ثم بين المفضل عليه بعد أن بين المفضل بقوله تعالى: ﴿على العالمين﴾ أي: الموجودين في زمانهم بما أنزلنا عليهم من الكتب وأرسلنا إليهم من الرسل، وقيل: على الناس جميعاً لكثرة الأنبياء منهم، وقيل: عام دخله التخصص ثم بين آثار الاختيار بقوله تعالى:
﴿وآتيناهم﴾ أي: على ما لنا من العظمة ﴿من الآيات﴾ أي: العلامات الدالة على عظمتنا واختيارنا لهم من حين أتى موسى عبدنا عليه السلام فرعون إلى أن فارقهم بالوفاة وبعد وفاته على أيدي الأنبياء المقررين للشريعة عليهم السلام ﴿ما فيه بلاء﴾ أي: اختبار مثله يميل من ينظره أو يسمعه إلى غير ما كان عليه، وذلك بفرق البحر وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى وغير ذلك مما رأوه من الآيات التسع ﴿مبين﴾ أي: بين في نفسه موضح لغيره.
﴿إن هؤلاء﴾ إشارة إلى كفار قريش لأن الكلام فيهم وقصة فرعون وقومه مسوقة للدلالة على أنهم مثلهم في الإصرار على الضلالة والإنذار على مثل ما حل بهم ﴿ليقولون﴾ أي: بعد قيام الحجة البالغة عليهم مبالغين في الإنكار.
﴿أن﴾ أي: ما ﴿هي﴾ وقولهم ﴿إلا موتتنا﴾ على حذف مضاف أي: ما الحياة إلا حياة موتتنا ﴿الأولى﴾ التي كانت قبل نفخ الروح كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الجاثية ﴿إن هي إلا حياتنا الدنيا﴾ (الأنعام: ٢٩)
وقال الجلال المحلي: إن هي ما الموتة التي بعدها الحياة إلا موتتنا الأولى أي: وهم نطف، وقرأ حمزة والكسائي بالإمالة محضة وأبو عمرو بين بين، وورش بالفتح وبين اللفظين والباقون بالفتح ﴿وما نحن بمنشرين﴾ أي: بمبعوثين بحيث نصير ذوي حركة اختيارية ننتشر بها بعد الموت، يقال: نشره وأنشره أحياه ثم احتجوا على نفي الحشر والنشر بقولهم:
(١٠/١٩٨)