أي: سوى ما قد سلف، رابعها: أن إلا بمعنى بعد، أي: لا يذوقون فيها الموت بعد الموتة الأولى في الدنيا واختاره الطبري لكن نوزع بأن إلا بمعنى بعد لم يثبت وقد يجاب: بأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، خامسها: قال الزمخشري: أريد أن يقال لا يذوقون فيها الموت البتة فوضع قوله: ﴿إلا الموتة الأولى﴾ موضع ذلك لأن الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل فهو من باب التعليق بالمحال، كأنه قيل: إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذوقها في المستقبل فإنهم يذوقونها، سادسها: المراد بالمتقين أعم من الراسخين وغيرهم وإن ضمير فيها يرجع للآخرة، فالعاصي إذا أراد الله تعالى تعذيبه بالنار يذيقه فيها موتة أخرى كما جاء في الأحاديث الصحيحة فيكون على المجموع، سابعها: أن الموتة الأولى في الجنة المجازية فلا يكون ذلك بالمحال وذلك أن المتقي لم يزل فيها في الدنيا.
(١٠/٢٠٧)
قال بعض العلماء: الدنيا إذا تحققت في حق المؤمن التقي فإنها جنة صغرى لتوليه سبحانه إياه فيها وقربه منه ونظره إليه وذكره له وعبادته إياه وشغله به وهو معه أينما كان، فإن قيل: أهل النار لا يذوقون الموت أبداً فلم بشر أهل الجنة بهذا مع أن أهل النار يشاركونهم فيه؟ أجيب: بأن البشارة ما وقعت بدوام الحياة فقط بل مع حصول تلك الخيرات والسعادات فافترفا ﴿ووقاهم﴾ أي: المتقين ﴿عذاب الجحيم﴾ أي: التي تقدم أنها لكل كفار أثيم وأما غير المتقين من العصاة فيدخل الله تعالى من أراد منهم النار فيعذب كلاً منهم على قدر ذنوبه ثم يميتهم فيها ويستمرون إلى أن يأذن الله تعالى في الشفاعة فيهم، فيخرجهم ثم يحييهم بما يرش عليهم من ماء الحياة، ثم يدخلهم الله تعالى الجنة.