﴿قل الله﴾ أي: المحيط علماً وقدرة ﴿يحييكم﴾ أي: حين كنتم نطفاً ﴿ثم يميتكم﴾ أي: بأن يخرج أرواحكم من أجسادكم فتكونون كما كنتم قبل الإحياء كما تشاهدون ﴿ثم يجمعكم﴾ أي: بعد التمزق فيعيد فيكم أرواحكم كما كانت بعد طول مدة الرقاد منتهين ﴿إلى يوم القيامة﴾ أي: القيام الأعظم لكونه عاماً لجميع الخلائق ﴿لا ريب﴾ أي: لا شك بوجه من الوجوه ﴿فيه﴾ بل هو معلوم علماً قطعياً ضرورياً ﴿ولكن أكثر الناس﴾ أي: وهم القائلون ما ذكر ﴿لا يعلمون﴾ أي: لا يتجدد لهم علم لما لهم من النفوس والتردد والسفول عن أوج العقل إلى حضيض الجهل فهم واقفون مع المحسوسات لا يلوح لهم ذلك مع ما له من الظهور وقوله تعالى:
﴿ولله﴾ أي: الملك الأعظم وحده ﴿ملك السموات﴾ أي: كلها ﴿والأرض﴾ أي: التي ابتدأكم منها تعميم للقدرة بعد تخصيصها ﴿ويوم تقوم الساعة﴾ أي: توجد وتتحقق تحقق القائم الذي هو على كمال تمكنه وتمام أمره الناهض بأعباء ما يريد ثم كرر للتأكيد والتهويل قوله تعالى ﴿يومئذ﴾ أي: يوم تقوم يخسرون هكذا كان الأصل ولكنه قال تعالى للتعميم والتعليق بالوصف ﴿يخسر المبطلون﴾ أي: الداخلون في الباطل الغريقون في الاتّصاف به الذين كانوا لا يرضون بقضائي.
تنبيه: الحياة والعقل والصحة كأنها رأس مال والتصرف فيها بطلب السعادة الأخروية يجري مَجرى تصرف التاجر في ماله لطلب الربح، والكفار قد أتعبوا أنفسهم في تصرفاتهم بالكفر والأباطيل فلم يجدوا في ذلك اليوم إلا الحرمان والخذلان ودخول النار وذلك في الحقيقة نهاية الخسران.
(١٠/٢٣٠)


الصفحة التالية
Icon