﴿وقيل﴾ أي: لهم على أفظع الأحوال وأشدها قولاً لا معقب له فكأنه بلسان كل قائل ﴿اليوم ننساكم﴾ أي: نترككم في العذاب ﴿كما نسيتم لقاء يومكم هذا﴾ أي: كما تركتم الإيمان والعمل للقائه، وقيل: نجعلكم منزلة الشيء المنسي غير المبالى به كما لم تبالوا أنتم بلقاء يومكم هذا ولم تلتفتوا إليه ﴿ومأواكم النار﴾ ليس لكم براح عنها ﴿وما لكم من ناصرين﴾ ينقذونكم من ذلك بشفاعة ولا مقاهرة فجمع الله تعالى عليهم من وجوه العذاب ثلاثة أشياء: قطع الرحمة عنهم، وتصيير مأواهم النار، وعدم الأنصار؛ لأنهم أتوا بثلاثة أنواع من الأعمال القبيحة وهي: الإصرار على إنكار الدين الحق، والاستهزاء به والسخرية، والاستغراق في حب الدنيا. وهو المراد بقوله تعالى:
﴿ذلكم﴾ أي: العذاب العظيم ﴿بأنكم اتخذتم﴾ أي: بتكليف منكم لأنفسكم ﴿آيات الله﴾ أي: الملك الأعظم ﴿هزواً﴾ أي: استهزاء بها ولم تتفكروا فيها، وقرأ ﴿اتخذتم﴾ ابن كثير وحفص بإظهار الذال عند التاء والباقون بالإدغام ﴿وغرتكم الحياة الدنيا﴾ الدنيئة لضعف عقولكم فآثرتموها لكونها حاضرة وأنتم كلابها فقلتم: لا حياة غيرها ولا بعث ولا حساب ولو تعقلتم وصفكم لها لأداكم إلى الإقرار بالآخرة ﴿فاليوم﴾ أي: بعد إيوائهم فيها ﴿لا يخرجون منها﴾ أي: النار لأن الله تعالى لا يخرجهم ولا يقدر غيره على ذلك، وقرأ حمزة والكسائي بفتح الياء التحتية وضم الراء، والباقون بضم الياء وفتح الراء ﴿ولا هم يستعتبون﴾ أي: لا يطلب من طالب ما منهم الإعتاب وهو الاعتذار لأنه لا يقبل ذلك اليوم عذر ولا توبة.
ولما تم الكلام في المباحث الروحانية ختم السورة بتحميد الله تعالى فقال عز من قائل:
(١٠/٢٣٥)


الصفحة التالية
Icon