﴿قل﴾ يا أفضل الخلق لهؤلاء المصرّين على التكذيب ﴿أرأيتم﴾ أي: أخبروني ﴿إن كان﴾ أي: هذا الذي أتيتكم به وهو القرآن ﴿من عند الله﴾ أي: الملك الأعظم. ﴿وكفرتم به﴾ أي: أيها المشركون ﴿وشهد شاهد﴾ واحد أو أكثر ﴿من بني إسرائيل﴾ أي: الذي جرت عادتكم أن تستفتوهم وتثقوا بهم ﴿على مثله﴾ أي: مثل ما في القرآن من أنّ من وحد فقد آمن ومن أشرك فقد كفر وأن الله تعالى أنزل ذلك في التوراة والإنجيل وجميع أسفارهم فتطابقت عليه كتبهم وتضافرت به رسلهم، وتواترت على الدعاء إليه والأمر به أنبياؤهم عليهم الصلاة والسلام ﴿فآمن﴾ أي: هذا الذي شهد هذه الشهادة ﴿واستكبرتم﴾ أي: أوجدتم الكبر بالإعراض عنه طالبين بذلك الرياسة والفخر، فكنتم بعد شهادة هذا الشاهد معاندين من غير شبهة فضللتم، فوضعتم الشيء في غير موضعه، فانسدّ عليكم باب الهداية.
واختلف في هذا الشاهد فقال قتادة والضحاك وأكثر المفسرين: هو عبد الله بن سلام شهد بنبوّة المصطفى ﷺ وآمن به، واستكبرت اليهود فلم يؤمنوا به. كما روى أنس قال: سمع عبد الله بن سلام بمقدم رسول الله ﷺ فأتاه فنظر إلى وجهه، فعلم أنه ليس وجه كذاب، وتأمّله فتحقق أنه النبيّ المنتظر، فقال له: إنّي سائلك عن ثلاث لا يعلمهنّ إلا نبي: «ما أوّل أشراط الساعة؟ وما أوّل طعام أهل الجنة؟ وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمّه؟ فقال ﷺ أخبرني بهنّ جبريل آنفاً قال: جبريل؟ قال: نعم قال: ذاك عدوّ اليهود من الملائكة فقرأ ﴿من كان عدوّاً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله﴾ (سورة البقرة، آية: ٩٧)
(١١/١١)


الصفحة التالية
Icon