وأكثر المفسرين: على أنّ الأشد ثلاث وثلاثون. قال الرازي: مراتب الحيوان ثلاثة؛ لأنّ بدن الحيوان لا يكون إلا برطوبة غريزية وحرارة غريزية والرطوبة الغريزية زائدة في أوّل العمر ناقصة في آخره. والانتقال من الزيادة إلى النقصان لا يعقل حصوله إلا إذا حصل الاستواء في وسط هاتين المدّتين، فثبت أنّ مدّة العمر منقسمة إلى ثلاثة أقسام فأوّلها: أن تكون الرطوبة الغريزية زائدة على الحرارة الغريزية. وحينئذ تكون الأعضاء عظيمة التمدد في ذواتها وزيادتها في الطول والعرض والعمق وهذا هو سن النشء والثانية وهي المرتبة المتوسطة أن تكون الرطوبة الغريزية وافية بحفظ الحرارة الغريزية من غير زيادة ولا نقصان. وهذا هو سن الوقوف، وهو حين الشباب.
والمرتبة الثالثة: أن تكون الرطوبة الغريزية ناقصة عن الوفاء بحفظ الحرارة الغريزية ثم هذا النقصان على قسمين فالأول: هو النقصان الخفي، وهو سن الكهولة. والثاني: هو النقصان الظاهر، وهو سن الشيخوخة.
قال المفسرون: لم يبعث نبيّ قط إلا بعد الأربعين سنة. قال الرازي: وهذا يشكل بعيسى عليه السلام فإنه تعالى جعله نبياً من أوّل عمره، إلا أنه يجب أن يقال: الأغلب أنه ما جاء الوحي إلا بعد الأربعين، وهكذا كان الأمر في حق نبينا ﷺ ثم إنّ أبا بكر دعا أيضاً فقال: ﴿وأن أعمل صالحاً ترضاه﴾ قال ابن عباس: أجاب الله تعالى دعاء أبي بكر، فأعتق تسعة من المؤمنين يعذبون في الله تعالى، منهم بلال ولم يرد شيئاً من الخير إلا أعانه الله عليه ودعا أيضاً فقال: ﴿وأصلح لي في ذرّيتي﴾ فأجاب الله تعالى دعاءه، فلم يكن له ولد إلا آمن فاجتمع له إسلام أبويه وأولاده جميعاً وأدرك أبواه وابنه عبد الرحمن وابن ابنه أبو عتيق النبيّ ﷺ وهم مؤمنون. ولم يكن ذلك لأحد من الصحابة.
تنبيه أصلح يتعدى بنفسه لقوله تعالى: ﴿وأصلحنا له زوجه﴾ (الأنبياء: ٩٠)
(١١/١٩)


الصفحة التالية
Icon