والمراد به الجنس. وقال ابن عباس والسدي: نزلت في عبد الله بن أبيّ. وقيل: في عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه؛ كان أبواه يدعوانه إلى الإسلام، وهو يأبى، وهو ﴿قوله أف لكما﴾ وقال الحسن وقتادة: إنها نزلت في كل كافر عاق لوالديه وعلى ثبوت أنها نزلت فيمن تقدم، لا ينافي أن المراد الجنس، فإنّ خصوص السبب لا يوجب التخصيص وفي ﴿أف﴾ قراءات ذكرت في سورة بني إسرائيل ﴿أتعدانني﴾ أي: على سبيل الاستمرار والتجديد في كل وقت وقرأ هشام بإدغام النون الأولى في الثانية وفتح الياء نافع وابن كثير وسكنها الباقون. ﴿أن أخرج﴾ أي: من مخرج يخرجني من الأرض بعد أن غبت فيها وصرت تراباً يحييني كما كنت أوّل مرّة ﴿وقد﴾ أي: والحال أنه قد ﴿خلت﴾ أي: مضت على سنن الموتى ﴿القرون﴾ أي: الأمم الكثيرة مع صلابتهم ﴿من قبلي﴾ أي: قرناً بعد قرن، وتطاولت الأزمان، ولم يخرج منهم أحد من القبور ﴿وهما﴾ أي: والحال أنهما كلما قال لهما ذلك ﴿يستغيثان الله﴾ أي: يطلبان بدعائهما من له جميع صفات الكمال أن يغيثهما بإلهامه قبول كلامهما ويقولان إن لم ترجع ﴿ويلك﴾ أي: هلاكك بمعنى: هلكت ﴿آمن﴾ أي: أوقع الإيمان الذي لا إيمان غيره، وهو الذي ينقذ من كل هلكة، ويوجب كل فوز، بالتصديق بالبعث وبكل ما جاء عن الله تعالى. ثم علّلا أمرهما على هذا الوجه مؤكدين في مقابلة إنكاره بقولهما: ﴿إنّ وعد الله﴾ أي: الملك المحيط بجميع صفات الكمال حق أي: ثابت أعظم ثبات؛ لأنه لو لم يكن حقاً لكان نقصاً من جهة الأخلاق الذي لا يرضاه لنفسه أقل الملوك. فكيف بملك الملوك؟ ﴿فيقول﴾ مسبباً عن قولهما ومعقباً له ﴿ما هذا﴾ أي: الذي تذكرانه من البعث ﴿إلا أساطير﴾ أي: أكاذيب ﴿الأوّلين﴾ التي كتبوها.
﴿أولئك﴾ أي البعداء من العقل والمروءة وكل خير.
(١١/٢٢)