لعباده والطيبات من الرزق} (الأعراف: ٣٢)
نعم لا ينكر أنّ الاحتراز عن التنعم أولى لأنّ النفس إذا اعتادت التنعم صعب عليها الاحتراز والانقياد وحينئذ ربما حمل الميل إلى تلك الطيبات على فعل ما لا ينبغي.
روى عمر قال: «دخلت على رسول الله ﷺ فإذا هو على رمال حصير، قد أثر الرمال بجنبه فقلت: يا رسول الله، ادع الله تعالى أن يوسع على أمتك، فإنّ فارس والروم قد وسع عليهم وهم يعبدون غير الله تعالى. فقال ﷺ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا» وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما شبع آل رسول الله ﷺ من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله ﷺ وعنها أنها قالت: «كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه ناراً وما هو إلا الماء والتمر» «وعن ابن عباس قال: كان رسول الله ﷺ يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله لا يجدون عشاء وكان أكثر خبزهم الشعير» والأحاديث في هذا كثيرة ولما كانت الاستهانة بالأوامر والنواهي استهانة بيوم الجزاء سبب عنه قوله تعالى:
﴿فاليوم تجزون﴾ أي: على إعراضكم عنا ﴿عذاب الهون﴾ أي: الهوان العظيم المجتمع الشديد الذي فيه ذلّ وخزي ﴿بما كنتم﴾ أي: جبلة وطبعاً ﴿تستكبرون﴾ أي: تطلبون الترفع وتوجدونه على الاستمرار ﴿في الأرض﴾ التي هي لكونها تراباً وموضوعة على الزوال والخراب أحق شيء بالتواضع والذل والهوان ﴿بغير الحق﴾ أي: الأمر الذي يطابقه الواقع، وهو أوامرنا ونواهينا ﴿وبما كنتم﴾ أي: على الاستمرار ﴿تفسقون﴾ أي: بسبب الاستكبار الباطل، والفسوق عن طاعة الله تعالى.
(١١/٢٥)


الصفحة التالية
Icon