﴿فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم﴾ أي: فجاءتهم الريح فدمّرتهم، فأصبحوا بحيث لو خضت بلادهم لا ترى إلا مساكنهم. وقرأ عاصم وحمزة: بالياء التحتية المضمومة ورفع النون من مساكنهم، لقيامه مقام الفاعل. والباقون: بالتاء الفوقية مفتوحة مبنياً للفاعل، ونصب مساكنهم مفعولاً به. وأمال الألف بعد الراء ورش بين بين، وأبو عمرو وحمزة والكسائي محضة. وكذلك من ﴿القرى﴾ ﴿كذلك﴾ أي: مثل هذا الجزاء الهائل؛ في أصله، أو جنسه، أو نوعه، أو شخصه من الإهلاك. ﴿نجزي﴾ بعظمتنا دائماً إذا شئنا ﴿القوم المجرمين﴾ أي: العريقين في الإجرام الذين يقطعون ما حقه الوصل وذلك الجزاء هو الإهلاك على هذا الوجه الشنيع «وروي أنه ﷺ كان إذا رأى الريح فزع وقال: «اللهم إني أسألك خيرها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرّها وشرّ ما أرسلت به، وإذا رأى مخيلة أي: سحابة. قام وقعد، وجاء وذهب، وتغير لونه، فنقول له: يا رسول الله ما تخاف؟ فيقول: إني أخاف أن يكون مثل قوم عاد حيث قالوا: هذا عارض ممطرنا فاحذروا أيها العرب مثل ذلك إن لم ترجعوا» فإن قيل قال تعالى: ﴿وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم﴾ (الأنفال: ٣٣)
فكيف يحصل التخويف أجيب بأنّ ذلك كان قبل نزول الآية ثم أخبر الله تعالى عن مكنة عاد بقوله سبحانه:
﴿ولقد مكناهم﴾ أي: تمكيناً تظهر به عظمتنا ﴿فيما﴾ أي: في الذي ﴿إن﴾ نافية أي: ما ﴿مكناكم﴾ يا أهل مكة ﴿فيه﴾ من قوّة الأبدان، وطول الأعمار، وكثرة الأموال، وغيرها. ثم إنّهم مع ذلك ما نجوا من عذاب الله تعالى. فكيف يكون حالكم؟.
(١١/٣١)


الصفحة التالية
Icon