﴿بأن﴾ أي: بسبب أن ﴿الذين كفروا﴾ أي: ستروا مرائي عقولهم ﴿اتبعوا﴾ أي: بغاية جهدهم ومعالجتهم ﴿الباطل﴾ من العمل الذي لا حقيقة له في الخارج تطابقه وذلك هو الابتداع والميل مع الهوى فضلوا ﴿وأن الذين آمنوا﴾ أي: ولو كانوا في أقل درجات الإيمان ﴿اتبعوا﴾ أي بغاية جهدهم ﴿الحق﴾ أي الذي له واقع يطابقه وذلك هو الحكمة وهو العلم بموافقة العمل وهو معرفة المعلوم على ما هو عليه ﴿من ربهم﴾ أي: الذي أحسن إليهم بإيجادهم وما سببه من حسن اعتقادهم فاهتدوا ﴿كذلك﴾ أي: مثل هذا الضرب العظيم الشأن ﴿يضرب الله﴾ أي: الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال ﴿للناس﴾ أي: كل من فيه قوّة الاضطراب والحركة ﴿أمثالهم﴾ أي: أمثال أنفسهم، أو أمثال الفريقين المتقدّمين، أو أمثال جميع الأشياء التي يحتاجون إلى بيان أمثالها، مبيناً لها مثل هذا البيان، ليأخذ كل أحد من ذلك جزاء حاله، فقد علم من هذا المثل أنّ من اتبع الباطل أضلّ الله تعالى عمله، ووفر سيئاته، وأفسد باله ومن اتبع الحق عمل به ضد ذلك كائناً من كان. وهو غاية الحث على طلب العلم في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ والعمل بها.
ولما بين تعالى أنّ الذين كفروا أضلّ أعمالهم، وأن اعتبار الإنسان بالعمل، ومن لا عمل له فهو همج إعدامه خير من وجوده سبب عنه. قوله تعالى:
(١١/٤٩)