﴿إنّ الذين كفروا﴾ أي: غطوا ما دلتهم عليه عقولهم من ظاهر آيات الله لا سيما بعد إرسال الرسول ﷺ المؤيد بواضح المعجزات ﴿وصدّوا﴾ أي امتنعوا ومنعوا غيرهم زيادة في كفرهم ﴿عن سبيل الله﴾ أي الطريق الواضح الذي نهجه الملك الأعظم ﴿وشاقوا الرسول﴾ أي: الكامل في الرسالة المعروف غاية المعرفة. ﴿من بعد ما تبين﴾ أي: غاية البيان بالمعجز ﴿لهم الهدى﴾ بحيث صار ظاهراً بنفسه غير محتاج ما أظهره الرسول من الآيات الظاهرة وهم قريظة والنضير والمطعمون يوم بدر ﴿لن يضروا الله﴾ أي ملك الملوك ﴿شيئاً﴾ بما هم عليه من الكفر والصدّ أو لن يضرّوا رسوله ﷺ بمشاقته وحذف المضاف لتعظيمه وتفظيع مشاقته ﴿وسيحبط﴾ أي: يفسد فيبطل بوعد لا خلف فيه ﴿أعمالهم﴾ من المحاسن لبنائها على غير أساس.
﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي: أقرّوا بألسنتهم ﴿أطيعوا الله﴾ أي: الملك الأعظم تصديقاً لدعواكم طاعة لشدّة الاجتهاد فيها أنها خالصة، وعظم الرسول ﷺ بإفراده فقال تعالى: ﴿وأطيعوا الرسول﴾ لأنّ طاعته من طاعة الذي أرسله، فإذا فعلتم ذلك حصنتم أنفسكم وأعمالكم، فتكون صحيحة ببنائها على الطاعة بتصحيح النيات وتصفيتها مع الإحسان للصورة في الظاهر، ليستكمل العمل صورة وروحاً ﴿ولا تبطلوا أعمالكم﴾ قال عطاء بالشك والنفاق. وقال الكلبي: بالرياء والسمعة. وقال الحسن: بالمعاصي والكبائر. وقال أبو العالية: «كان أصحاب رسول الله ﷺ يرون أنه لا يضرّ مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل، فنزلت هذه الآية» فخافوا الكبائر أن تحبط الأعمال. وقال مقاتل: لا تمنوا على رسول الله ﷺ فتبطلوا أعمالكم نزلت في بني أسد. قال تعالى ﴿لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى﴾ (البقرة: ٢٦٤)
(١١/٧٧)


الصفحة التالية
Icon