﴿إنّ الذين يبايعونك﴾ يا أشرف الرسل بالحديبية على أن لا يفروا ﴿إنما يبايعون الله﴾ أي: الملك الأعظم لأنّ عملك كله من قول أو فعل له تعالى وما ينطق عن الهوى وسميت مبايعة لأنهم باعوا أنفسهم فيها من الله تعالى بالجنة قال الله تعالى: ﴿إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنة﴾ (التوبة: ١١١)
(١١/٩٥)
الآية «وروى يزيد بن أبي عبيد قال: قلت لسلمة بن الأكوع على أيّ شيء بايعتم رسول الله ﷺ يوم الحديبية قال: على الموت» وعن معقل بن يسار قال: «لقد رأيتني يوم الشجرة والنبيّ ﷺ يبايع الناس وأنا رافع غصناً من أغصانها عن رأسه ونحن أربعة عشر مائة قال: لم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على أن لا نفرّ» قال أبو عيسى: معنى الحديثين صحيح بايعه جماعة على الموت. أي لا نزال نقاتل بين يديك ما لم نقتل وبايعه آخرون وقالوا: لا نفر. وقوله تعالى: ﴿يد الله﴾ أي: المتردّي بالكبرياء ﴿فوق أيديهم﴾ أي: في المبايعة يحتمل وجوهاً وذلك أنّ اليد في الموضعين إما أن تكون بمعنى واحد وإمّا أن تكون بمعنيين فإن كانت بمعنى واحد ففيه وجهان: أحدهما قال الكلبي: نعمة الله عليهم في الهداية فوق ما صنعوا من البيعة كما قال تعالى: ﴿بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان﴾ (الحجرات: ١٧)
(١١/٩٦)


الصفحة التالية
Icon